محمد يعقوبي 41 مسلسلا جديدا مبرمجا لشهر رمضان هذا العام ومئات الحصص والبرامج الترفيهية المصروف عنها من خزائن الشعوب العربية والإسلامية التي تبدو في حاجة إلى قوت يومها، قبل الحاجة إلى هذا الكم من البرامج المتشابهة والمتوالدة، والتي لا يبدو من أهدافها سوى إضحاك الناس وشغلهم بقصص ومشاهد عاطفية عن صلب اهتمامات ومشاكل ومصائب المسلمين من العراق إلى لبنان إلى فلسطين إلى أفغانستان.. لا أحد ضد الدراما الرمضانية وما يمكن أن تشكله من متنفّس للصائمين بعد يوم من العناء والعنت، ولا عاقل يعترض على حق الإنسان في الترويح على نفسه مع عائلته في رمضان وفي غير رمضان، لكن لا أحد بالمقابل يمكن أن يجد مبرّرا لهذا الكم الهائل من المسلسلات والحصص التي لا هدف لكثير منها سوى اصطياد المشاهدين وإغراقهم في إهتمامات بعيدة كل البعد عن معاني الشهر الفضيل، وباستثناء ما يعد على الأصابع من المسلسلات والبرامج الرمضانية التي تستحق المشاهدة، فإن غالبية المنتجين قد ضخوا ملايين الدولارات في أعمال لا تخدم الأمة لا في دينها ولا في قيمها ولا في وطنية أجيالها ولا في مخزونها الثقافي والحضاري، أعمال قائمة على الإثارة والتشويق وحبس أنفاس الناس بلا هدف ولا سبب، أعمال جعلت من العلاقات العاطفية همّا كبيرا يشغل بال الضائعين والمهمشين من الشباب. ملايين الدولارات صرفت على هكذا مسلسلات وبرامج لا يرجى منها سوى نزر يسير من الفائدة، وكان يمكن لهذه المبالغ أن تصدّر للأمة أعمالا تلفزيونية هادفة تجبر كسرها وتلم شعثها وتداوي جرحها النازف، كان يمكن للمنتجين أن يلتفتوا في هذا الشهر الفضيل إلى القيم التي سقطت من الأمة فيعيدوا بناءها وينظروا إلى الجراح الدامية فيساعدوا على مداواتها ويلتفتوا إلى الفراغ الروحي والعقلي فيلعبوا دورهم في ملئها بما ينفع الناس ويهديهم، خاصة ونحن في شهر رمضان ويمكنهم أن يحصّلوا الكثير من النفع المادي حتى وهم يخدمون أمتهم ويداوون جراحها، والمشكلة أنه حتى بعض البرامج الدينية من مسلسلات وبرامج موصوفة بالدينية يُشتم من ورائها الكثير من الغرض التجاري الصرف البعيد عن عناوينها وومضاتها الإشهارية.. يجب أن تلعب الدراما الرمضانية دورها في إعادة بناء قواعد الأمة، وإلا ستكون معول هدم، وفي أحسن أحوالها ستكون ضوضاء أو سيركا يشغل الناس عن قضاياهم الأساسية، تماما مثلما تفعل "البزازات" مع الأطفال الصغار لشغلهم عن الأمور التي تتجاوز سنهم.. المقال في صفحة الجريدة pdf