شدّ البرنامج الرمضاني اليومي "ذكرى وفرحة" انتباه عددا كبيرا من المشاهدين لقناة الجزائرية الثالثة، ليس لأنه يقدّم جديدا أو ينافس بقية الأعمال في حداثتها وقيمة نجومها من الجيل المعاصر، ولكن لأنه يدغدغ مشاعر الجمهور ويحرك فيه نوستالجيا خاصة، تعيده إلى زمن جميل، حيث كانت "النية الصافية والإرادة القوية للعمل" مثلما يقول الجميع! البرنامج الذي يقدمه الممثل أرسلان في ظهوره الوحيد على شاشة رمضان هذه السنة، بعدما كان بطلا لعدة أعمال اجتماعية في السابق أبرزها "المصير" و"شفيقة" يتحدث عن عدد من نجوم الكوميديا المعروفين في تاريخ الفن الجزائري ويقدّم مقاطع من أبرز أعمالهم، سواء كانت خالدة أو نادرة، على غرار وردية، المفتش الطاهر ولابرانتي، مصطفى العنقى، رويشد، سيراط بومدين، قريقش وقاسي تيزي وزو، محمد توري وحسن الحسني..الخ...ناهيك عن عدد كبير من ألمع نجوم الكوميديا الذين ما زالوا حتى الآن يشكلون بالنسبة للمشاهد الجزائري مصدر فرحة على مر السنين.. ويستفيد أرسلان وفريق العمل في هذه السلسة من أرشيف ضخم للتلفزيون العمومي، يقال بأنه حتى الآن، لا يُحسن استعماله ولا استغلاله من طرف المسؤولين، حيث لا يمكن لعاقل امتلاك مثل هذا الأرشيف من البرامج التلفزيونية والمسرحيات، والسكاتشات والأفلام دون الاستفادة من عرضها ولو في برنامج خاص يُنعش ذاكرة الجمهور أو يُعرّف الأجيال الجديدة بنجوم الماضي..وهنا يحق لنا التساؤل: كم من مُشاهد في سنّ العشرين أو الثلاثين، شاهد الثنائيات الناجحة التي جمعت قريقش مع قاسي تيزي وزو؟ أو مع الممثل الكبير حسن الحسني"بوبقرة"؟ وكم من مُشاهد آخر يعرف أن الفنان الكوميدي مصطفى العنقى أو الشهير ب"عايش ب12"، نسبة لبطولة الفيلم الكوميدي الشهير، كان مغنّيا في بداية حياته قبل أن يتحوّل إلى التمثيل، وقد تم في البرنامج هذا الأسبوع، عرض جزء من أغنية وطنية قدمها في إحدى المناسبات عقب الاستقلال مباشرة؟! وفي هذا الصدد، احتفت حلقة أول أمس من برنامج "ذكرى وفرحة" بالفنان المسرحي العبقري سيراط بومدين، وقدّمت أجزاء من أدواره الخالدة على غرار"جلول الفهايمي"، و"شعيب الخديم".. هذه السلسلة التي ما تزال حتى الآن من أهم الأعمال التي تم تقديمها وإنتاجها على مستوى المحطة الجهوية للتلفزيون بوهران، حين كانت هذه الأخيرة تنتج أعمالا تُنافس بها في رمضان..أو حين كان يُسمح لها ولغيرها من المحطات الجهوية بالعمل قبل إحالتهم جميعا على الموت السريري وفسح المجال للوكالات الخاصة...وما أدراك ما الوكالات الخاصة! سيراط قدّم مجموعة من اللوحات الفنية عبر عايش بالهف، وشعيب الخديم، سبقت زمنه بكثير، حيث عالج فيها مواضيع جريئة وبطريقة كوميدية ساخرة جدا، وبأسلوب ما يزال حتى اليوم، لم يجرؤ على الاقتراب منه عديد الكتاب والمخرجين والمنتجين مراعاة "للخطوط الحمراء" وسلطة الرقابة!
المنشار..تكريم للماضي وأشياء أخرى! يذكر أن سلسلة المنشار التي يقدمها الفنان الكوميدي سليم مجاهد، الشهير بسليم آلك، والتي تعرضها قناة الشروق يوميا في رمضان، فكرت أيضا في تكريم عدد من نجوم الكوميديا من الزمن الجميل، حين قررت تقديم أشهر المقاطع بأصواتهم، لكن بأداء جديد من طرف بعض الممثلين في السلسلة على غرار الممثلة سامية التي قلدت وردية حميطوش..في محاكاة للجسد الضخم، حتى وإن اعتبرانا أن وردية لم تكن مجرد كتلة من اللحم والدم والوزن الثقيل، لكنها كانت روحا جميلة تدخل دون فيزا لقلوب المشاهدين وبيوتهم جميعا دون استئذان...وفي عصر الأبيض والأسود! وسبق لسليم التصريح قائلا إنه أراد من وراء هذه الفكرة، تكريم هؤلاء العمالقة في فن الكوميديا الجزائرية، ناهيك عن تقديم رسالة مهمة للأجيال الجديدة مضمونها التالي..أنّ للفن الجزائري جذورا عميقة، ومجد صنعه هؤلاء الفنانين الكبار على امتداد سنوات وعقود طويلة وليس من السهل اليوم التفريط فيه أو التلاعب به! المنشار الذي يشارك في بطولته الممثل أمين عبدلي، ويشرف على إنتاجه تقنيا وتقديمه مجموعة من الشباب أبرزهم حكيم فرية، حقق نسبة مشاهدة معتبرة قبل رمضان، ورغم كل الاتهامات التي وُجهت لسليم آلك على أنه يعيد استنساخ تجربته السابقة "الفهامة"، والتي كانت سببا في ظهوره على الشاشة أول مرة، إلا أن سليم صرح أن"المنشار يختلف تماما عن الفهامة وإن تراءى للناس بعض نقاط الشبه، ففي هذه السلسلة التي نزور من خلالها عددا كبيرا من ولايات الوطن في رمضان، كثير من الجرأة التي تفتقدها برامج أخرى"!