تشهد المحاكم الابتدائية والجنائية في كل دوراتها المتعاقبة برمجة عدة قضايا، متورط فيها موثقون، غالبا ما يواجهون تهمة التزوير في عقود رسمية والمتعلقة بالميراث، الفريضة، الهبة، ملكية الأراضي والمنازل والمحلات، حيث تسلط عليهم عقوبات بالسجن النافذ من 5 إلى 10 سنوات. يمتثل مؤخرا الكثير من الموثقين أمام المحاكم عن قضايا مختلفة، فيما يتواجد العشرات منهم في السجون بتهمة التورط في قضايا جنائية، وتمكنت "الشروق" من رصد بعض الحالات لموثقين، مثلوا أمام المحاكم بتهم التزوير منها قضية الموثق (ع.ح) من ولاية تيزي وزو، الذي أدانته محكمة الجنايات بالسجن 7 سنوات نافذا، وسلطت عقوبة الحبس 6 أشهر حبسا نافذا ضد شريكه المدعو (ب.ع)، مراقب بمديرية مسح الأراضي بتيزي وزو، لارتكابهما جناية التزوير في محرّر رسمي بتقريره، أثناء تحريره وقائع يعلم أنها كاذبة في صورة وقائع صحيحة، والمشاركة في النصب والاحتيال وجنحة التزوير في محرر إداري وقد أنكر الموثّق ما نسب إليه من جرم. موثق آخر تورط في تحرير عقد بيع قطعة أرض باسم شخص متوفّ، مثل أمام محكمة الجنايات بمجلس قضاء البويرة بتهمة التزوير واستعمال المزور في محررات رسمية، حيث استند الموثق للعقد العرفي دون حضور البائع الأصلي ليحرر عقد توثيقي مزور، ثبت أن المتهم الثاني الذي اشترى قطعة الأرض زور عقد بيع محرر من طرف والد الضحية بعد 32 يوما من وفاته، ويتواجد موثق من الأربعاء بمجلس قضاء البليدة في حالة فرار بعد ارتكابه عدة تجاوزات من بينها تحرير عقد بيع لمحل تجاري تابع لديوان الترقية والتسيير العقاري دون تسجيله وتشهيره لعلمه التام أنه ملك لشخص آخر تنازلت له مؤسسة الديوان، وهذا ما أدى لإحداث إشكال في التنفيذ. ومثل موثق من أولاد فايت أمام محكمة الشراڤة بجنحة خيانة الأمانة على أساس شكوى أحد زبائنه الذي صرح أنه سلم للموثق مبلغ مالي قدره 100 مليون سنتيم لتغطية مصاريف تشهير عقد بيع، غير أن الضحية اكتشف بعد مدة أن الموثق لم يقم بعمله وعندما واجهه اعترف له أنه تعرض لضائقة مالية فصرف ماله واعدا إياه باسترجاعه، وفي تلك الفترة أودع المتهم في المؤسسة العقابية، لتورطه في جناية فتوقفت إجراءات التسديد وقد أدانته المحكمة بالحبس 3 سنوات نافذا. وفي السياق، صرح المحامي أحمد فاضل ل"الشروق" أنه بالدرجة الأولى يجب معرفة طبيعة المتابعة بالنسبة للموثق، هل هو متابع بخطأ مهني متعلق بالمهنة أو بخطأ آخر من أخطاء قانون العقوبات التي لا تؤثر على ممارسة مهنته، ولو كانت فيها إدانة مثلا يرتكب حادث مرور ولو كانت جنحة لها علاقة بمهنته يمكن للوزارة اتخاذ إجراء كأن يتم توقيفه لحين صدور حكم نهائي في التهمة المنسوبة إليه. .. وفي حالة الإدانة لا يسمح له باستئناف عمله، وأضاف المحامي أنه لا يوجد نص قانوني يعوض الموثق المستفيد بالبراءة، عن الفترة التي قضاها في الحبس المؤقت، باستثناء القانون المتعلق بالتعويض عن الأخطاء القضائية، مضيفا أن التوقيف عن ممارسة المهنة يكون من طرف الوزارة وليس وكيل الجمهورية، وقال الأستاذ فاضل إن هناك مبالغة في متابعة الموثقين لأن المواطنين يحررون شكاوى بناء على مصالحهم الخاصة، أين أغلبيتهم يستعمل الحيلة ويعمل على توريط الموثق للتخلص من نتائج العقد على مستوى المحاكم، مشيرا إلى أنه لا يوجد قضاة متمكنين في مجال التوثيق، يتسرعون في توجيه الاتهام وحبس الموثق وفي كثير من الحالات يستفيد هذا الأخير من البراءة بعد تحطيم مستقبله المهني وحياته الأسرية. وأرجعت المحامية بن وطاس تورط الموثقين قضائيا إلى حسن نية والثقة بأحد أطراف عملية البيع، والتي تُدرج ضمن الإهمال وانعدام الكفاءة عند البعض، كما أنه يكتفي غالبا بالحصول على صورة من العقد فقط، كما توجد حالات تتطلب من الموثق التنقل إلى العجزة والمعوقين في قضايا الحجر، الهبة والبيع، ويكتفي بتصريح شخص واحد متجاهلا الأطراف المهمة. وفي حالة التوقيعات يكتفي بالبعض ويتجاهل البعض الآخر، وبعد تسجيلها وتشهيرها يجد نفسه متورط، وبالنسبة للتركات الكبيرة يتم إهمال وارث من طرف باقي الورثة باتفاق مع الموثق مقابل مبلغ مالي، وكذا حالات الهبة والحجر وتعيين القيم على الشخص المريض، فيهملون شهادة عند طبيب مختص في الأمراض العقلية. وصرح رئيس الغرفة الوطنية للموثقين، في وقت سابق، عن وجود عدد من الموثقين المتابعين قضائيا في الكثير من ملفات التزوير والتي أحيلت على المحاكم بناء على شكوى، موضحا أنه يتم عزل هؤلاء الموثقين الذين ارتكبوا أخطاء مهنية عمدا، بعد إحالتهم على مجلس التأديب، وكشف عن مشروع إنشاء هيئة مشتركة بين الموثقين وقضاة من المحكمة العليا، برئاسة قاض، في القريب العاجل، للنظر في ملفات الموثقين المتورطين، وذلك لتوفير الحماية للموثق.