أعطى الرئيس المالي أمادو توري وزعيم المتمردين التوارڤ إبراهيم باهانغا مؤشرات غير واضحة عن وجود انفراج في الأزمة بينهما والعودة إلى اتفاق الجزائر العام الماضي الذي يقايض السلم بخطوات لإدماج المقاتلين التوارڤ وإطلاق مشاريع تنمية في شمال البلاد، في حين قال القيادي الآخر في التمرد، العقيد حسن فاغاغا، إنه ورجاله في الميدان ليسوا على علم بهذا الاتفاق، وأن الوفد الذي قاده باهانغا إلى الجزائر "لم يكن مخولا للتفاوض". قال الرئيس المالي أمادو توماني توري ان زعيم المتمردين التوارڤ ابراهيم باهانغا "مستعد" للعودة إلى اتفاق السلام الموقع في الجزائر وإطلاق سراح الرهائن الذين يحتجزهم منذ شهرين وغداة عودته من القمة الرئاسية مع بوتفليقة في الجزائر ركز توري في مقابلة مع التلفزيون المالي على نقطتين بخصوص موقف باهانغا الجديد، "باهانغا قرر العودة الى اتفاقات الجزائر"، وأضاف "النقطة الثانية تنص على إطلاق سراح الرهائن بدون شروط .. يجب جمع مجمل الرهائن (في مكان واحد) وان تلعب الجزائر دورا ايجابيا لإطلاق سراحهم وامل جيدا ان نتمكن خلال الأيام او الاسابيع المقبلة من استعادة هؤلاء الرهائن وإعادتهم الى عائلاتهم". لكن توري استعمل لهجة حادة في موقع آخر من حديثه، وقال بخصوص مجريات اللقاء الذي جمعه بالمسؤولين الجزائريين يومي السبت والأحد الماضيين حول ازمة التوارڤ "شددنا على نقطة (في الجزائر) على اننا لم نأت الى هنا للتفاوض مع مجموعة. لا ننوي أبدا فتح محادثات مع كل عصابة تحمل السلاح وتتحصن في الجبال". ويفهم من ذلك ان توري يريد العودة التلقائية المباشرة إلى مسار اتفاق الجزائر دون إعطاء انطباع بأنه تفاوض على شيء جديد مع باهانغا الذي كان قد سبقه الى الجزائر قبل ثلاثة أسابيع والتحق به إياد غالي بعدها بأيام. وفي ذات السياق اكتفى باهانغا في تصريحات جديدة أمس لموقع "طوارڤ أونلاين" بالقول إنه تم عقد أول اجتماع بين وفد حركته وبين أعضاء من الحكومة المالية في العاصمة الجزائرية "لبحث سبل تطبيق اتفاقيات السلام الموقعة بين الطرفين"، وقال إبراهيم باهنغا في تصريح لموقع "طوارق أونلاين" إن الإجتماع هو الأول مع حكومة مالي وتم بحضور إياد غالي الزعيم التاريخي لجبهة الأزواد"، ولم يشر باهانغا إلى أية تفاصيل، لكنه قال إن الاجتماع ستتلوه عدة جولات أخرى قد يتوصل فيها الطرفان إلى نقاط الإلتقاء حول عدد من القضايا العالقة، غير انه لم يلتق الرئيس توري حسب ما ذكر مصدر رئاسي في باماكو. ويفهم من هذه التصريحات أن كل ما استطاعت الجزائر افتكاكه من طرفي الصراع هو التزامهما بتهدئة التوتر وتمديد الهدنة المعلنة منذ رمضان الماضي من جانب باهانغا، والتمسك بمبدإ الرجوع إلى اتفاق الجزائر لتجاوز نقاط الخلاف التي كانت تحول دون تطبيق كامل بنوده، وإن كان إطلاق سراح الرهائن هو العربون السياسي الداخلي الذي أراده وأصر عليه الرئيس أمادو توري، فقد بقي المتمردون التوارڤ متمسكين بخطوات مماثلة تبدد هواجسهم تجاه باماكو. وتذهب في هذا الاتجاه تصريحات الرقم الآخر في الحركة التارڤية المسلحة العقيد حسن فاغاغا للشروق أمس، وأعرب فاغاغا عن تفاجئه بوجود اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، وقال "نحن هنا في الميدان لم يصلنا شيئا، والوفد الذي ذهب الى الجزائر لم يكن مخولا بالتفاوض بل فقط بالاتصال بالسلطات الجزائرية ثم العودة لاعتماد وفد مفاوض". وأضاف في نقطة ذات صلة تنبئ عن غضبه "هناك ملاحظات يجب الأخذ بها حول تحديد المسؤوليات القيادية في الحركة". ويبدو أن قرار إياد غالي، الضامن الأساسي في الاتفاق، التسريع بالانسحاب من الأزمة بقبوله منصب دبلوماسي في السعودية، قد أفرز جو ضغط على الجميع وإلزام باهانغا بتقديم تنازلات في عين المكان، كما بدأت الأنظار تتجه الى القنصل المالي الجديد في تمنراست القيادي السابق في جبهة الأزواد عبد الرحمان قلة، خيط الاتصال الجديد لمتابعة الجولات المتبقية، والذي قال عنه فاغاغا "رحبنا بوجوده في تمنراست ومستعدون للتعاون معه". عبد النور بوخمخم