نشط شعراء العراق واليمن، أول أمس، الليلة العاشرة لليالي الشعر العربي التي نظمتها المكتبة الوطنية ضمن فعاليات الجزائر عاصمة الثقافة العربية. وقد كان حضور الشعر العراقي قويا لوجود الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد الذي افتتح هذا الملتقى بقصائد قصيرة مؤلمة لبلده الأم بعد أن كان هذا البلد الوجهة المفضلة لكثير من المثقفين والأدباء العرب وغير العرب، متألما في أبياته الملقاة على مسامع الحضورلألم العراق الذي يزداد بوتيرة غير واقعية في "تهجدات عراقية" والشوق الذي يدحرجه إلى العراق، متسائلا في الوقت ذاته عن مصير العراق في خضم النزاعات والخلافات الطائفية في قوله "بدايتنا موجة لا نعييها ونهايتنا موجة لا نعييها". ويبقى الشعر العراقي يواكب هذه الأحداث المؤلمة، هذا ما صرح به الشاعر العراقي عبد الرزاق الربيعي في حديث خص به "الشروق" أن الشعر في العراق أصبح له اتجاه سياسي يعكس صورة رفض العراق للاحتلال الأمريكي وهو لا يزال باق رغم كل شيء، والدليل على ذلك فوز شعراء العراق ب 9 جوائز من 15 جائزة بمسابقة دبي الثقافية، فالتهديد بالموت والقتل لكتاب وشعراء العراق من طرف الميليشيات والمتطرفين زاد من عناد الشعراء، كما اعتبر عبد الرزاق الربيعي أن للشاعر موقفا وكلمة من خلالها يعبّر عن نظرته للحياة وموقفه من القضايا الراهنة. وفي رده عن سؤالنا حول انعكاس سقوط النظام السابق على حرية الكتابة، أوضح بأن جميع الأنظمة الشمولية تضع كثيرا من القيود على الكتابة، مفضلا قيد الحكم على قيد الاحتلال، وأن الشعر العراقي يبذل حاليا جهدا كبيرا لإدارة وترتيب ما هدم في العراق وتوحيد الصفوف، لكن وللأسف قد تراجع الدور الثقافي إزاء استفحال الدور السياسي بالعراق. قصائدنا لا تخلو من الحديث عن الوطن الجريح قدم الشاعر العراقي، منذر عبد الحر، قصيدتيه "شجن عراقي" و"أغنية لولدي مطاع" من أجمل ما عاشه الشاعر بأحاسيس تنطلق من الذات. وفي تصريحه ل "الشروق"، صرّح هذا الأخير بأن هذه المشاركة هي الأولى له في الجزائر وأن الشعر بالعراق لا يخلو من الحديث عن الوطن الجريح ويعاني حاليا من ضبابية لمغادرة العديد من الشعراء البلد، فهو نفسه يقيم حاليا بدمشق إلى حين استتاب الوضع الأمني، بعد مغادرته منذ 5 أشهر حيث هُدّد بالقتل من قبل الميليشيات الطائفية، وأن على الشاعر أن يصل إلى مستوى إطلاق الرجل المقاوم للاحتلال، وأن العمل الثقافي وكل المفردات الشعرية رسائل إنسانية يؤديها الشاعر الحقيقي. أما الشاعر الذي يفكر تفكيرا طائفيا مثلما هو موجود حاليا في العراق أشك بموهبته وبشعريته، وأن الشاعر أسمى من أن يحدد بهذه المفاهيم. وفي سؤالنا عن الشعر السياسي ومكانته الحالية بالعراق، فقد أجاب بأنه أثبت فشله وهو حاليا يكتب في الشعر الحديث، وأن قضية العراق حاليا ليست قضية احتلال فقط بل قضية إنسان ضد إنسان. وبخصوص كتاباته الشعرية أكد الشاعر منذر عبد الحر أنه قدم عدة قصائد جريئة حتى في الحكم السابق بعنوان "قرابين" تتحدث عني كمقاتل وشعوري بمفارقة الأهل ومول الأصدقاء، وأنه لم تكن هناك أية قيود على الشعر، والمثقف هو من يبيع أخاه المثقف بالتأويل الخاطئ. كما كان لحضور الشعر اليمني دور في إحياء هذا الملتقى بتقديم الشاعرة سوسن العريقي لقصيدتها "أكثر من اللازم" وبدائل من قصائد قصيرة أخرى في حضور شعراء من المغرب، ليبيا والجزائر. نوال بليلي