صعّد الحركى من لهجتهم ضد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعد الخطاب الذي ألقاه في الجزائر، وفهم منه على أنه تضمن مؤشرات على توجهات جديدة للسياسة الفرنسية فيما يتعلق بموقفها من الماضي الاستعماري. ودعوا ساركوزي إلى لفتة جادة تجاه قضايا هذه الفئة، في اللقاء الذي جمعهم به ليلة الأربعاء إلى الخميس بقصر الإيليزي، بمناسبة الاحتفالات المخلدة لنهاية " حرب الجزائر "، والتي تصادف الخامس من ديسمبر من كل سنة. P5 وقال بوسعد عزني رئيس اللجنة الوطنية (الفرنسية) للتواصل بين الحركى، وهي واحدة من أبرز المنظمات المعتمدة في فرنسا، المدافعة عن هذه الفئة، إن الأقدام السوداء والحركى " لن يقبلوا من الرئيس نيكولا ساركوزي عبارات الود والمجاملة، وهم ينتظروا منه ملموسا "، يرفع عنهم المآسي التي يقولون إنهم تكبدوها قبل خروجهم من الجزائر، والمعانة التي لقوها بعد هروبهم إلى فرنسا، التي وضعتهم في محتشدات مهينة. ودعا عزني وهو ابن حركي من ولاية تيزي وزو، فر والده من الجزائر بعد سنة 1962، في تصريح صحفي للقناة الفرنسية الإخبارية " إي تيلي "، صبيحة أمس الأربعاء، الدولة الفرنسية إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة، وإنصاف أولئك الذين ضحوا من أجل العلم الفرنسي، وذلك باعتراف الحكومة الفرنسية بتقصيرها في حق " الحركى "، بعد وقف إطلاق النار في الجزائر، بتاريخ 19 مارس 1962، رافضا تقديم الحركى كقربان على مذبح تطوير العلاقات الجزائرية الفرنسية. وتتفق مختلف المنظمات المدافعة عن مصالح الحركى في فرنسا، على رفع هذا المطلب في وجه حكومة باريس، بل ويزيدون عليه المطالبة بتعويض ما بين 40 و42 مليار يورو، غير أن السلطات الفرنسية لم تبد إلى غاية اليوم نية أو توجها رسميا نحو " الاعتراف بتقصيرها " في حق الحركى والأقدام السوداء، بعد سنة 1962، لأن المتتبعين يرون بأن اقتطاف الحركى ومن يسير في فلكهم اعتراف من الدولة الفرنسية، يعني وجوب تعويضهم أو عائلاتهم في حالة وفاتهم. السلطات الفرنسية وإن وقفت إلى جانب الحركى والأقدام السوداء في الكثير من المناسبات، وتجلى ذلك من خلال سن قانون 23 فبراير، الذي أطلق مشروعه لأول مرة في مثل هذه المناسبة ( الخامس من ديسمبر ) من سنة 2001، وكذا تشييد الكثير من المعالم التذكارية المخلدة لما يقولون إنها تضحيات " الحركى " والأقدام السوداء، والتي كان آخرها تشييد معلم مدينة بيربينون جنوبفرنسا، قبل يومين فقط من التصريح الشهير لوزير المجاهدين محمد الشريف عباس، إلا أنها ترفض (الحكومة الفرنسية ) تحمل مسؤولية ما حدث بعد وقف إطلاق النار في الجزائر، وعيا منها بما يترتب عن ذلك من التزامات مالية، خاصة وأن تقديرات المؤرخين الفرنسيين يقدرون عدد الحركى بحوالي 150 ألف، وهذا دون حسبان ذويهم. وسبق للحركى والمرحلين من الجزائر أن رفعوا دعوى قضائية لدى المحكمة العليا بباريس، ضد الدولة الفرنسية بتهمة ارتكابها " جريمة ضد الإنسانية "، على خلفية ما اعتبروه خيانة في حقهم بعد سنة 1962 ، الأمر الذي تسبب في مقتل حوالي 65 ألف، لكن من دون أن يصلوا إلى ما كانوا يصبون إليه. محمد مسلم