هزّت قاعة المقار بالجزائر العاصمة ليلة الأحد عبارات سب دين صريحة في أجرأ تطاول على الإسلام الذي يمثّل أهم معالم الهوّية الوطنية، وذلك في فيلم عرض لأوّل مرّة بعنوان "الوهراني" وبحضور وزيرة الثقافة نادية شرابي. قدّم المخرج السينمائي الفرنسي الجزائري إلياس سالم فيلم جديد له بعنوان "الوهراني" بعد ثلاث سنوات من عرضه "المسخرة"، الفيلم الذي يتناول قضية شائكة في تاريخ الجزائر لم يتوقّف الجدل حولها إلى يوم النّاس هذا نال دعما وإشرافا من وزارة الثقافة الجزائرية. ويتناول صاحبه قصّة أصدقاء تعارفوا زمن الثورة وشاركوا في النّضال المسلّح ضدّ المستعمر الفرنسي جعفر الملقب بالوهراني "الياس سالم" و حميد "خالد بن عيسى" وبرز من بداية الفيلم استعمال كلمات "شوارعية" من قبيل "ربّك" التي يستعملها بعض السفهاء للتعبير عن الغضب فضلا عن كلمات مباشرة في لعن الدّين في عزّ الثورة الجزائرية، حيث يصوّر الفيلم كيف تمّ القبض على حميد من طرف راع أثناء فراره من العسكر الفرنسي و هو متوجّه به صوب الفرنسيين تدخّل جعفر ودفع الرجل المسلّح فسقط قتيلا ومع تأكّد حميد من مقتله لم يكد يخبر جعفر بذلك حتى لم يجد الأخير حرجا في أن يعبّر عن غضبه بسبّ الدّين. وشارك في فيلم ابن الكاتب ياسين كمغنّ في سهرات شرب خمور ودفوف في عزّ الثورة الجزائرية، الفيلم الذي يتحدّث عن "بشير" طفل لزوجة "جعفر" الذي تركها زمن الثورة وعاد إليها مع إعلان الاستقلال ليجدها توفيت بعد أن أخذها العسكر الفرنسي واغتصبها لتحمل وتلد ولد من أعداء الجزائر، ويحاول بشير الذي عامله جعفر كابن له أن يعرف سبب تغيّر شكله ولون شعره وأعينه عن أسرته، ولمّا حدثه أحدهم على أنّه "قاوري" لم يجد جعفر بعد ذلك غضاضة في أن يتطاول على الدّين بأشنع من العبارة السالفة وذلك أثناء نقاش الموضوع مع صديقه حميد، حيث قال باللفظ الواحد "نعدين باباه" واستمرّ ذلك مع باقي مشاهد الفيلم. ويشكّل الفيلم مضادّة واضحة وصريحة للدّستور الجزائري الذي ينصّ في المادّة الثانية على أنّ "دين الدولة الإسلام" و هو انتهاك واضح للقوانين حيث ينصّ قانون العقوبات الجزائري المادة 144 مكرر 2 على "تجريم وعقوبة" كل من أساء إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم- أو بقية الأنبياء أو استهزأ بالمعلوم من الدين بالضرورة أو بأي شعيرة من شعائر الإسلام سواء عن طريق الكتابة أم الرسم أم التصريح أم أي وسيلة أخرى ما يفرض على النيابة العامة مباشرة إجراءات المتابعة الجزائية تلقائيا. وحدّد القانون أركان "الجريمة" في خمس نقاط منها ما هو مادّي ومنها ما هو معنوي تلخّص في الاستهزاء بمعلوم من الدّين بالضرورة كسب الله ورسوله والدين الإسلامي على علم وإرادة من الجناة. إلا أنّ العقوبة المحددة قانونا بدورها مخالفة للشريعة الإسلامية. وتطرح العديد من التساؤلات عن هذه التجاوزات "الخطيرة" التي جاءت بعد سنتين فقط من المظاهرات الصاخبة التي هزّت تونس على إثر عرض فيلم "لا سيدي لا ربي"، كيف لوزارة تابعة للدولة الجزائرية أن تدعم هذا الفيلم وأين وسائل الرقابة عند الدولة، وهل سيسمح لهذا الفيلم بأن يعرض في باقي دور السينما رغم هذه الكفريات، وماذا عن واجب الأجهزة الأمنية حيال هذه الأعمال المكلّفة بمنعها بنص القانون الجزائري، فضلا عن دور العلماء والأئمة من وزارة الثقافة التي سمحت بهذا العمل.