شهدت الأوضاع الأمنية في اليمن الجمعة تدهوراً واسعاً زاد قتامة الأزمة السياسية التي دخلت منعطفاً جديداً برفض جماعة الحوثيين قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي تكليف أحمد عوض بن مبارك تشكيل حكومة، واعتذار الأخير عن عدم قبول منصب رئيس الوزراء، إذ شن تنظيم «القاعدة» هجومين في صنعاءوحضرموت، استهدف الأول تظاهرة للحوثيين وأوقع أكثر من خمسين قتيلاً وعشرات الجرحى، فيما استهدف الثاني نقطة للجيش وأسفر عن مقتل 20 جندياً. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مصادر رسمية في صنعاء، أن هجومَي «القاعدة» في العاصمة اليمنية وحضرموت نفذهما انتحاريان، وأن حصيلة القتلى حوالى سبعين. وجاءت هذه التطورات غداة خطاب لزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، هاجم فيه الرئيس هادي والسفير الأميركي لدى اليمن، داعياً أنصاره الذين يُحكِمون قبضتهم الأمنية على صنعاء منذ أكثر من أسبوعين، إلى التظاهر في محيط القصر الرئاسي رفضاً ل «الوصاية الخارجية». وروت مصادر أمنية وشهود ل «الحياة» أن «انتحارياً يرتدي حزاماً ناسفاً ويُعتقد بأنه من تنظيم القاعدة اجتاز حواجز أمنية أقامتها جماعة الحوثيين عند مدخل ميدان التحرير وسط العاصمة، حيث تظاهر الآلاف منهم، وفجّر الانتحاري نفسه ما أدى إلى سقوط خمسين قتيلاً بينهم أطفال وإصابة حوالى مئة آخرين». وأكدت وزارة الصحة في بيان سقوط 47 قتيلاً و75 جريحاً تراوحت إصاباتهم بين خطيرة ومتوسطة، نتيجة الهجوم «الإرهابي الجبان». وكان الحوثي دعا أنصاره إلى التظاهر في محيط القصر الرئاسي، احتجاجاً على تكليف أحمد عوض بن مبارك تشكيل الحكومة، قبل أن يعتذر الأخير عن عدم قبول المهمة في وقت متقدّم ليل الأربعاء ويقبل هادي اعتذاره، إثر تدخُّل لجنة وساطة أقنعت الحوثيين في المقابل بالتراجع عن التصعيد، وتنظيم تظاهرتهم في ميدان التحرير بدلاً من ميدان السبعين. وشن الحوثي هجوماً لاذعاً على الرئيس اليمني واصفاً إياه بأنه «دمية»، كما وصف بن مبارك بأنه «مرشح السفارات»، معتبراً أن تكليفه تشكيل حكومة جاء بناء على رغبة السفير الأميركي في صنعاء، وليس بناء على توافق داخلي. وهدد بمزيد من الخطوات التصعيدية لجماعته المسلحة التي اجتاحت صنعاء وأسقطتها بالقوة في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي. إلى ذلك، أثار التفجير الذي طاول الحوثيين إدانات واسعة من الرئيس هادي والأطراف السياسية وسفراء الدول العشر الراعية العمليةَ الانتقالية في اليمن. وردد المتظاهرون الحوثيون هتافات غاضبة تدعو إلى إسقاط هادي، في حين اتهمت جماعتهم أطرافاً خارجية بالضلوع بالحادث. وقال الناطق باسمها محمد عبدالسلام إن عملية التفجير «تؤكد حجم التآمر الخارجي على الوطن وتعبّر عن الرفض الخارجي للاستقلال في القرار السياسي». ولفت إلى أن أطرافاً خارجية «تستخدم عناصرها من قوى التكفير والإجرام للّعب بالورقة الأمنية وإثارة الفوضى والانفلات الأمني». في غضون ذلك، أكدت مصادر رسمية عسكرية مقتل 20 جندياً وجرح 13 بهجوم لتنظيم «القاعدة» استهدف أمس نقطة للجيش في حضرموت. وقالت المصادر إن «عناصر إرهابية إجرامية من تنظيم القاعدة أقدمت فجراً (أمس) على مهاجمة نقطة «الغبر» غرب مدينة المكلا بسيارة مفخخة، ثم اشتبكت مع أفراد النقطة، ما أدى إلى استشهاد 19 جندياً وجرح 13 ومقتل الكثير من تلك العناصر الإرهابية». وجاء الهجوم بعد يوم على سلسلة هجمات متزامنة نفّذها التنظيم ضد مواقع حكومية وأمنية وعسكرية في مدينة البيضاء (جنوبصنعاء)، وأسفرت عن مقتل 12 جندياً، في سياق ما اعتبره التنظيم استباقاً لتمدد الحوثيين في اتجاه صوب المحافظة ذات الغالبية القبلية السنّية. وأقدم مسلّحون قبليون على تفجير أنبوب رئيسي لتصدير النفط في مأرب (شرق صنعاء). ونبّه هادي أثناء لقائه أمس سفراء الدول العشر، إلى خطورة الأوضاع في بلاده، مؤكداً أولوية «الحرص على الأمن والاستقرار والوحدة، وتجنيب البلاد كارثة الصدام والحرب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر». وذكرت المصادر الحكومية أن هادي شدد على «ضرورة أن تتحمل الدول العشر الداعمة والضامنة المبادرةَ الخليجية وآليتها التنفيذية، مسؤوليتها إزاء أمن اليمن واستقراره».