تراجع محصول منتج التمور بغرداية، هذه السنة إلى نسب قياسية بسبب انتشار ظاهرة داء البوفروة بعدد من المواقع الفلاحية بتراب الولاية، رغم التكهنات التي توقعتها مديرية المصالح الفلاحية بتصنيف الولاية ثاني أكبر منتج للتمور بالجنوب بعد ولاية بسكرة، واستبشار الفلاح بهذه المناطق خيرا بالموسم الفلاحي للعام الحالي. توسع وباء البيوض الذي يضرب المناطق الفلاحية بغرداية منذ أكثر من عشرين عاما، بمناطق أخرى بمحيطات دائرة متليلي بذات الولاية، الذي تم اكتشافه مؤخرا بمواقع فلاحية جديدة كانت من قبل محيط هذا الخطر الذي يواجه الفلاحين بعد احتلاله لمواقع جديدة بالواحات الشرقية لمدينتي غرداية ومتليلي، كما هو الحال بمحيطات الدرين والسواني. وأفاد فلاحو المناطق المتضررة بالولاية في مراسلاتهم للجهات المعنية أنهم متخوفون مما سينجر عن توسع مجال انتشار هذا الوباء الخطير على مردود غلة التمور هذا الموسم، مؤكدين أنها للمرة الأولى التي يسجل احتلال البوفروة لمناطق تبعد عن موطن الوباء المعهودة بمحيطات شرق الولاية، منذ ما يقارب العشرين عاما، حيث تشهد محيطات "الدرين والسواني"، على غرار "السواقي والشعبة" المتضررة منذ خمس سنوات انتشارا غير مسبوق للوباء، وهو ما أثار قلق وفزع المزارعين الصغار وشكل انشغالا كبيرا لدى المقاطعات الفلاحية بالولاية، وكذا المعهد الوطني لمكافحة الأمراض النباتية المشرف منذ سنوات على مكافحة داء البوفروة الذي بدأ يأخذ حسب الخبراء شكل "الطاعون النباتي"، خصوصا بعد أن قضى هذا الداء خلال السنوات العشر الماضية حسب أرقام الجهات المعنية على ربع نخيل الواحات المتواجدة شرق وغرب الولاية، مما بات يهدد مصير آلاف الفلاحين المشتغلين بميدان زراعة النخيل ومستقبل المنتج برمته عبر تراب الولاية. وحسب مصادر مسؤولة ل"الشروق" فإن عدد الإصابات بحشرة البيوض بمحيطات متليلي لوحدها هذه السنة تجاوز 1800 حالة مؤكدة، منها 780 إصابة سجلت لدى شجيرات نخيل الجبار، وإجمالي فاق 1800 إصابة عبر مجمل المحيطات الكبرى بالدائرة، يحدث هذا في وقت تتحدث فيه جهات مختصة بالمنطقة عن كارثة مرتقبة بعموم المحيطات الفلاحية بالولاية، بسبب ما وصفته بالزحف المتصارع لهذا الوباء عبر أخصب المحيطات الفلاحية التي تعول عليها الولاية في الميدان الزراعي، وتعيد ذات المصادر المشكل إلى افتقاد الإستراتيجية المنتهجة من طرف وزارة الفلاحة في مكافحة عموم الأمراض النباتية بهذه المناطق من الوطن إلى التقنيات الحديثة المسخرة في السنوات الأخيرة بالعديد من الأراضي الزراعية المنتجة بالجنوب. كما فاقم المشكل غياب التنسيق بين الجهات المعنية التي عمدت - حسب مصادرنا - إلى إبعاد شبح التهويل وعدم إثارة قلق الفلاح، رغم أن "مرض البيوض" يصنف دوليا ضمن قائمة الأمراض النباتية الخطيرة المهددة للأراضي الزراعية الخصبة عبر العديد من الدول العربية، على غرار جمهورية مصر العربية والأردن وتونس، أين أصبح الوباء المذكور بمثابة الهاجس الذي يؤرق الدول المذكورة، وذلك بالنظر إلى خطورة مرض "الدودة الحمراء" نتيجة سرعة انتقاله من منطقة لأخرى عن طريق العدوى بمياه السقي وانكماش مستوى نقل وتبادل الخبرات العلمية بين الدول لتحسين السلالات النباتية في هذا الصنف من الزراعة. وتشير أوساط فلاحية بالمنطقة أن مزارع سهل وادي ميزاب تعاني من وباء البيوض منذ سنوات السبعينيات من القرن الماضي، بعد أن جلب عدد من فلاحي السهل أشجار النخيل من منطقة بني عباس بولاية بشار، وترجح مصادر علمية مهتمة بالموضوع أن المصدر الأول لتنقل هذه الحشرة هو سهول منطقة "الناظور" بالمغرب، أين كان هناك تعامل لفلاحي الجهات الغربية الجنوبية من الوطن مع مزارعي منطقة الناظور الفلاحية من أجل تحسين نوعية نخيل جهة الجنوب الغربي المعروفة بتواضع إنتاجها من التمور.