لم يتوقف هاتف الشروق اليومي خلال اليومين الماضيين عن الرنين، بعد تسجيل اضطرابات جوية، صاحبتها أمطار معتبرة، وكان مصدر معظم تلك المكالمات، عائلات منكوبة لا تنام ليلا مثل جميع الخلق، والسبب هو خوفها الدائم من انهيار البنايات الهشة على رؤوسها وهلاكها تحت الأنقاض، خاصة بعد تكرر الانهيارات الجزئية وهلاك قبل أشهر فقط عائلة بأكملها بحي كارطو، بعد أن هوى جدار بناية عليها فكانت الحصيلة هلاك زوجين وأبنائهما، حيث تسببت الأمطار التي تساقطت خلال 48 ساعة الأخيرة في حالة طوارئ بالأحياء القصديرية والسكنات الهشة. وتهاطلت نداءات الاستغاثة الصادرة عن عائلات تقطن بأحواش هشة وبنايات جماعية أكل عليها الدهر وشرب؛ من حي ابن سينا، خاصة أن سيناريو الانهيارات الجزئية للبنايات يتجدد مع كل فصل شتاء، ويتحدث السكان بكل حرقة عما يعانوه داخل تلك البنايات تحديدا بشارع بن قطاط، وهناك من اضطر إلى إخلاء غرف بصفة نهائية وتحويلها إلى منطقة حمراء يمنع على أفراد تلك الأسر الوصول إليها مخافة الموت ردما في أي لحظة. نفس الخطر يعاني منه سكان "دوار بي" بحي اللوز، حيث تحاصرهم مياه الأمطار من كل جانب، فيكونون بذلك عرضة للغرق ولتلف آثاثهم مثلما وقع لهم في السنوات الماضية، وقد دفعتهم الظروف الحالية إلى إنجاز خنادق باستعمال أكياس الرمل، في خطوة ترقيعية لحماية منازلهم من خطر المياه الطوفانية، بعد أن تخلت عنهم المصالح البلدية ورفضت، حسبهم، منحهم فرصة الترحيل نحو مساكن جديدة وآمنة. نفس المعاناة يتقاسمها سكان حي الفيراج بعين البيضاء وبعض الأحياء القصديرية بسيدي الشحمي وحاسي بونيف، حيث أفاد لنا بعض القاطنين هناك أنهم ينتظرون بقلق ما سيحمل لهم فصل الشتاء، معبرين في الوقت ذاته عن سخطهم الكبير على الجهات الوصية التي حسبهم لم تتدخل ولو لمرة واحدة لإنقاذ حياتهم، كأنهم ليسوا جزائريين تقول إحدى المواطنات.. ممثلة عن سكان حوش لصنامي بسيدي، وخلال اتصالها ب"الشروق"، أفادت أنهم سئموا من سماع تلك الوعود المعسولة لأكثر من 20 سنة من دون تجسيد، نفس السيناريو تكرر بأحياء رأس العين والكميل وحتى الدرب، حيث لا تنام العائلات إلا قبل ملء الغرف بالدلاء البلاستيكية لاحتواء قطرات المياه التي تتغلغل إلى البنايات الهشة، والصورة نفسها بأحياء سيدي الهواري والمقري وحتى الهواء الجميل، ليال بيضاء لحظة تهاطل الأمطار وإذا كان حدث سقوط الأمطار يسعد الفلاحين، فإنه يحرم تلك العائلات المنكوبة من النوم والراحة، مخافة أن تتهاوى الجدران أو الأسقف على رؤوسها ولا يكون رد الجهات المحلية حينها سوى إلصاق الحادث بالقضاء والقدر.