كنا نسمع فيما مضى عن حوادث الاعتداء الجنسي والجسدي على النساء بكثرة ليس في الجزائر فحسب، بل وعبر العالم. ولكن في الآونة الأخيرة تفرعت جذور هذه الظاهرة، وأضحت تلتهم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السنتين والعشر سنوات. هذه البراعم ورغم صغر سنها، إلا أنها تتعرض إلى اعتداءات وجسدية وأكثرها جنسية بلغت أرقاما قياسية لم تشهدها البلاد من قبل. وحسب المختصين فإن هذه الأرقام لا تعكس حقيقة الواقع، نظرا لتكتم العديد من الضحايا عن هذه الجرائم الأخلاقية كالأفعال المخلة بالحياء والاغتصاب وهتك عرض وجريمة زنا المحارم. أكدت جميع الدراسات والإحصاءات، الوضع الكارثي للطفولة في الجزائر، نظرا للانتهاكات الخطيرة التي تتعرض لها يوميا هذه الشريحة، بعدما أصبحت قضاياها مطروحة على المحاكم الجزائرية وبكثرة في الآونة الأخيرة، تورطت فيها عصابات تقوم بخطفهم وممارسة الاعتداء عليهم، في حين تحول هذا الفعل بحد ذاته إلى وسيلة للربح السريع والابتزاز وتهديد أولياء الضحايا بعد خطفهم ليقوموا بدفع أموال باهظة واسترجاع أطفالهم، كما حدث بإحدى ولايات الشرق الجزائري، مما يدعو إلى دق ناقوس الخطر، ووضع سياسة وطنية مستعجلة لتفعيل حقوق الطفل في الجزائر. 1370 حالة اعتداء جنسي وجسدي خلال ثمانية أشهر من 2009 كشف الرائد ''كرود عبد الحميد''، المسؤول عن خلية الاتصال التابعة لقيادة الدرك الوطني بالشراقة في تصريح ل ''الحوار'' أن ظاهرة الاعتداءات الجسدية والجنسية ضد الطفولة في تزايد مستمر. وحسب الإحصاءات أنه تم تسجيل ما لا يقل عن 1370 حالات اعتداءات جنسية وجسدية خلال ثمانية أشهر الأخيرة للسنة المنصرمة، وجل الضحايا تتراوح أعمارهم بين 5 و10 سنوات، ارتكبوا عليهم أفعالا مخلة بالحياء، اغتصاب، شذوذ جنسي، زنا محارم وهتك عرضهم. موضحا أنه تم إحصاء 301 طفل ضحية فعل مخل بالحياء، تصدرت هذه الجريمة القائمة باستعمال العنف ضد القصر من الجنسين والاعتداء الجنسي أي ما يمثل بنسبة 18,72 بالمائة، مقابل 100 طفل ضحية اغتصاب بنسبة 48,58 بالمائة، في حين بلغ عدد حالات الاختطاف المتبوعة باعتداء جنسي 75 طفلا ضحية متبوعة بالفعل المخل بالحياء، وسرقة 57 خلال نفس الفترة. 18,18 بالمائة من ضحايا الاعتداءات الجنسية قصر وفيما يتعلق بزنا المحارم، أشار ذات الرائد إلى أن الإحصاءات تكشف عن تسجيل ضحيتين تعرضا إلى زنا المحارم على المستوى الوطني، وهي جريمة تخص اعتداء الآباء على بناتهن، أو بين الإخوة أو مع أحد الوالدين وأحد الأقارب. معتبرا أن هذه الحالات التي تم الإعلان عنها بعيدة كل البعد عن الواقع، بسبب أن المجتمع لا يزال يتكتم على هذا النوع من الجرائم، الذي يشهد منحى تصاعديا بلغت نسبته 18,18 بالمائة بين شهري جانفي وأوت المنصرم، وبلغ عدد الأشخاص المتورطين الموقوفين أحد عشر شخصاً منهم آباء وإخوة وأصهار. ولم يغفل تقرير الدرك ظاهرة التهديد والشذوذ الجنسي، حيث بلغ عدد حالات الضحايا المعلن عنها 11 طفلا ضحية تقل أعمارهم عن 18 عاما، أي ما يعادل نسبة 78,2 بالمائة ضحية، ومرتكبو هذه الاعتداءات كبار السن، حيث تم إحصاء 395 متورط، وأغلبهم شباب من 19 و28 عاما. الاعتداءات الجسدية حاضرة والضرب والجرح العمدي يتصدر القائمة هذا، وبالنسبة للتوزيع الجغرافي لهذه الجرائم، أشار تقرير الدرك الوطني إلى أن هذه الجرائم منتشرة بكثرة تتصدرها ولايات الشرق الجزائري، تليها مناطق الغرب الجزائري، وفي المرتبة الثالثة نجد وسط البلاد وتليها ولايات الجنوب وأقصى الجنوب. حيث تم تسجيل، خلال الفترة الممتدة من شهر جانفي وأوت من السنة الماضية، 253 ضحية قصر، تعرضوا للضرب والجرح العمدي، أي بنسبة 78,9 بالمائة ذكور وإناث تتراوح أعمارهم بين 5 و10 سنوات. في حين تم تسجيل 249 طفل ضحية القتل غير العمدي أي بنسبة 27,22 بالمائة، وتسجيل16 طفلا ضحية القتل العمدي أي بنسبة 08,8 بالمائة، لتليها مخالفات أخرى بتسجيل 239 طفل ضحية وتسجيل 15 طفلا ضحية أعمال قامت بها جماعة أشرار أي ما يعادل 29,2 بالمائة.