حوّل الطمع والجري وراء المال، العلاقات الأسرية إلى علاقات جامدة لا روح فيها، حيث صار الإخوة أعداء وأضحت منحة "أرملة الشهيد" أو المجاهدين نقمة لا نعمة على أفراد الأسرة الواحدة، يتصارعون عليها، كل يريد الظفر بالنصيب الأكبر. وتتطور المشاكل فيما بينهم لتصل إلى المحاكم، فتارة يتابع الأشقاء بتهمة المشاجرة أو الضرب المتبادل وأخرى يتابع الأولياء فلذات أكبادهم بتهمة الاعتداء على الأصول.
مجاهدة تتعرض للضرب من قبل حفيدتيها وابنها رفعت مجاهدة تعاني من إعاقة جسدية، شكوى ضد ابنها وحفيدتيها، بعد اعتدائهم عليها عندما اتهمت ابنتي ولدها المقيمتين بالمسيلة أنهما سرقا منها مجوهرات متمثلة في قطع نقدية من معدن الذهب "لويز" وأساور و"محزمة لويز"، الأم والجدة عند مثولها أمام القاضي صرحت أن فلذات أكبادها ضربوها وتسببوا لها في عجز لمدة شهر، وقد التمس وكيل الجمهورية الحبس عاما نافذا لكل واحد من المتهمين بجنحة ضرب الأصول. ومن جهته أنكر المتهمون ما نسب إليهم من جرم وأكد أن أشقاءه المتخاصم معهم، حرضوا والدته عليه حتى يفسح لهم الطريق للاستيلاء على أموالها كونها مجاهدة وزوجة شهيد.
أبناء شهيد يتشاجرون بالأسلحة البيضاء بسبب منحة والدهم دخل ثلاثة أشقاء في شجار عنيف مع شقيقهم الأصغر الذي يسكن مع والدته، عندما سمعوا أنه أقنع والدته تسليمه الحصة الأكبر من منحة والدهم الشهيد، لأنه بطال وأب لطفلين في حين يعيش أشقاؤه حياة ميسورة. ويوم الحادثة تجرأ الأشقاء على رفع الخناجر والشجار أمام والدتهم المسنة التي تفاجأت من ردة فعل فلذات أكبادها بسبب المال، حيث عبرت خلال المحاكمة أنها تمنت لو لم تستفد من تلك المنحة التي كادت أن تتسبب في هدر روح فلذات أكبادها، ومن جهتهم صرح المتهمون أن المتسبب في الشجار تقسيم والدتهم غير العادل لمنحة والدهم الشهيد، طالبين من القاضي الجزائي بمحكمة الشراڤة العفو وإفادتهم بالظروف المخففة.
مجاهد فضل العيش في دار العجزة على طمع أبنائه للمنحة قرر مجاهد مغادرة منزله بعد أن تعب من شجارات أبنائه معه والتي تتكرر كل شهر وبالضبط عند سحب المنحة، وهو اليوم الذي يتذكرونه لزيارته، حيث انتقل للعيش بدار العجزة هروبا من المشاكل التي اعتبر نفسه السبب فيها، موضحا خلال محاكمة أحد أبنائه المتهم بضربه، أن هذا الأخير يوم الوقائع تمكن من الوصول إلى مكان تواجدي بمركز رعاية المسنين، حيث طلب منه مبلغا من المال فرفض منحه إياه، لأنه مدمن على المخدرات، وأخبره أنه لم يسحب المنحة لأنه يعمل على ادخارها لأداء مناسك الحج، فقال له ابنه المتهم "حج في وليدك"، فوجه له عبارات السب والشتم ليتمادى ويدفعه أرضا ما سبب له عجزا لمدة أسبوع.
الشرع: "ضرب الوالدين من الكبائر ولا يجوز أخذ المال منهم بالغصب" أكد الأمين العام لنقابة الأئمة الأستاذ جلول حجيمي أنه من حق الأمهات أو الآباء الذين يصرف لهم منحة المجاهدين أو الشهداء التصرف في مالهم بكل حرية ويمنحون أموالهم لأبنائهم ذكورا أو إناثا برضاهم. ونصحهم حجيمي تقدير المصلحة بين أبنائهم ومنح الحصة من المنحة بسرية دون ترك آثار نفسية فيهم لأن ذلك ليس واجبا عليهم بل من باب الاستحباب، تفاديا لحصول حسد بين الأشقاء، يتطور إلى الكره ونصب الكمائن والتقاتل أحيانا فيما بينهم، فعلى الأمهات والآباء من المجاهدين والمجاهدات وأرامل الشهداء أن يحسنوا استعمال منحتهم حفاظا على المصلحة العامة للأسرة، كما حذر الأبناء والبنات من عقوبة الوالدين لأنها من الكبائر.