قبل أيام مات الرّئيس التركي الأسبق "كنعان إيفرين"، الذي قاد انقلابا عام 1980 وحكم تركيا بالحديد والنار، ولم يشارك في جنازته أحد من رموز المعارضة ولا السلطة، بل أكثر من ذلك خرج أثناء الجنازة عدد كبير من المتضرّرين من حكمه الجائر في مظاهرات مندّدة بفترة حكمه. لقد حكم كنعان إيفرين سبع سنوات كاملة، أراق فيها الكثير من الدّماء واعتقل الآلاف. وصدرت في عهده أحكام قضائية ضدّ ربع مليون شخص، وتم إعدام العشرات، ومات في سجونه المئات تحت التعذيب. كما هاجر الآلاف هروبا من حكمه الجائر. ودار الزّمن دورته ومات كنعان إيفرين وهو يحمل صفة مجرم لا في نظر المجتمع فحسب، بل في نظر القضاء، حيث حوكم بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الدولة" وحكم عليه بالسجن مدى الحياة وأمضى أيامه الأخيرة في المستشفى العسكري تحت الحراسة المشددة مع أنه بلغ من العمر عتيّا. وليس كنعان هو الدكتاتور الأول الذي يلقى نفس المصير وليس الأخير، فدروس التّاريخ تقول إذا تشابهت المقدمات تشابهت النّهايات، وعليه سيكون للأحداث الجارية هذه الأيام في مصر تداعيات مشابهة لما حدث في تركيا وغيرها من بلدان العالم التي حكمت بالحديد والنار. أحكام بالإعدام في حقّ رئيس منتخب وعالم دين ومصلح وقيادات من الصف الأول من قيادات الإخوان بتهم غريبة تعود إلى الأيام الأولى للثّورة المصرية، وأحكام بالإعدام في حق شهداء فلسطينيين قتلهم الصهاينة قبل وقوع الأحداث التي اتهمهم القضاء المصري بها، بل إن أحكام الإعدام العشوائية صدرت في حق 70 فلسطينيا بينهم أسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، كما هي الحال مع الأسير حسن سلامة الذي يقبع في السجن منذ عام 1976، والمحكوم عليه بعدة "مؤبّدات"، وهو لوحده يمثل صورة كاريكاتورية تجسد الفرق بين الكيان الصهيوني على سوئه، والنّظام الحاكم في مصر، فالرّجل مقاوم في السّر والعلن يستخدم القوة ضدّ المحتلين الصّهاينة، ومع ذلك لم يحكموا عليه بالإعدام بينما حكم عليه المصريون بالإعدام في وقائع لم يكن مشاركا فيها!!
والغريب في الموضوع أنّ الإعلام المصري يدافع بشكل هستيري عن هذه الأحكام القضائية الشاذّة، ويتّهم كل من يعارضها بأنه من الإخوان، في مقابل ذلك يسود سكوت دولي محيّر عن هذه التجاوزات في حق الإنسان على أرض مصر لتفتضح حقيقة الغرب المنافق، الذي يغطي جرائم حلفائه مهما كانت بشعة ومروعة.