يحتل موسم جني الزيتون الذي انطلق منذ أكثر من شهر بقرى ومداشر ولاية البويرة مكانة اجتماعية واقتصادية متميزة فى حياة السكان من خلال إحياء التقاليد والكثير من العادات خاصة "التويزة"، والتي تحرص الكثير من العائلات على الحفاظ عليها نظرا لما تمثله من معاني التضامن والإخوة والمحبة بين الأقارب والجيران، وهذا بالالتفات جماعيا حول شجرة الزيتون "المباركة" والتي لديها قيمة اجتماعية وتراثية لدى السكان المحليين وارتبطت بالتاريخ والخير والبركة، حيث انه لا يخلو أي بيت من زيت الزيتون. وأكدت بهذا الشأن السيدة "ك.وردية "القاطنة بقرية مركالة بتغزوس، أنه كلما حلّ موسم قطف الزيتون تتجلى عادة "التويزة" والتي يعمل الجميع على إعادة إحيائها، مضيفة أن "التويزة" هي عبارة عن أعمال تطوعية لمساعدة كل سكان القرية في قطف وجنيّ الزيتون، حيث عادة ما تتوجه أعداد هائلة من النساء والرجال إلى الحقول، وهذا بعد أن تتولى النساء والفتيات مهمة إعداد الطعام فجرا لتناوله في فترة الاستراحة ظهرا، فيما يتولى الرجال مهمة جمع الأدوات من المفاريش والبلاستيك التي تقطع عليه حبوب الزيتون قبل قيام النساء بجمعها وتنظيفها من أوراق الزيتون المتساقطة والحصى والتراب. وتضيف هذه الأخيرة أن عملية جمع الزيتون عادة ما تستمر 3 أشهر كاملة خاصة عندما تكون الغلة كثيرة ولا يتوقف المواطنون عن قطف وجمع الزيتون إلا عندما تتهاطل الأمطار أو الثلوج، مضيفة أن البرودة القاسية لا تؤثر أبدا على الوضع والذي تعوّد عليه المواطنون منذ الأزل، والذين عادة ما يتغلبون عليه بتناول مختلف الأطعمة التقليدية، كالكسكسى والبركوكس وخاصة استعمال التدفئة وهذا بإشعال النار بواسطة الحطب بالقرب من الأماكن التي يتم فيها جمع الزيتون وهذا في أجواء مميزة تتخللها إيقاعات غنائية تقليدية ترددها النساء. وبعد انتهاء عملية الجمع يتم نقل أكياس الزيتون عبر الجرارات أو باستعمال الوسائل التقليدية خاصة الحمير والتي تنقلها إلى المعاصر سواء التقليدية منها أو العصرية، حيث يتم غسله ونزع الأوراق منه ثم يتم تحويله إلى مادة سائلة جاهزة للاستهلاك، وكما هو معروف فإن كل سكان منطقة القبائل يعتمدون على مادة زيت الزيتون في طهي مختلف المأكولات، كما يستعمل أيضا فى الحفاظ على الصحة، وفي هذا الشأن تقول السيدة "يمينة" من ضواحي احنيف بمشدالة، إن زيت الزيتون يستعمل خاصة في تدليك المواليد الجدد لمدة تتعدى سنة كاملة. ويجب التذكير أنه من عادات كل سكان قرى القبائل تحضير طبق"البركوكس" أو "تغريفين" مباشرة بعد انتهاء عملية عصر الزيتون.