انطلقت حملة الزيتون هذه السنة بعنابة، على وقع زغاريد النسوة اللائي يستبشرن خيرا هذا الموسم، بعد أن تساقطت الأمطار الأخيرة، الأمر الذي يساهم حسب بعض الفلاحين في نضج الزيتون باكرا، وتختلف الاحتفالات بهذه الحملة من منطقة لأخرى، لكن يبقى القاسم المشترك بين المزارعين وأصحاب غابات الزيتون، الاعتماد على "التويزة" من أجل الإسراع في عملية الجني قبل تساقط الثلوج التي تتسبب في شل نشاط الفلاحين. فالتويزة عملية تطوعية لمساعدة المزارعين في جني وجمع الزيتون، حيث تتوجه العديد من النسوة، الأطفال والرجال إلى الحقول لإطلاق حملة جني الزيتون بطريقة مدروسة حتى لا يستغل عشوائيا، وتحضر العائلات العنابية يوما قبل جنيه أكلات شعبية، مثل الكسكسي، حيث يتعاون الجيران على تحضير الأطباق الخاصة بحملة الجني فجرا، لتناولها عند الظهيرة، فيما يحضر الرجال المفارش والبلاستيك، وهي أدوات خاصة بعملية جني الزيتون، قبل قيام النساء بجمعه وتنظيفه من التراب، الحصى وأوراقه، وتستمر عملية الجني لأكثر من شهرين، حسب المساحات التي توجد بها ثروة الزيتون، وقد تنقطع مع تساقط الأمطار، ولمقاومة الجو البارد بعد الانخفاض المحسوس في درجة الحرارة في مثل هذه الأيام، تحضر الأكلات التي يضاف إليها زيت الزيتون، مثل البركوكس الذي يتم خلطه في أغلب الأحيان بالحبوب الجافة، كالحمص والفول، إلى جانب التدفئة التقليدية عن طريق إشعال النار بأغصان أشجار الغابة. وحسب بعض المزارعين، فإن عملية جني الزيتون في شهر نوفمبر تساهم في مضاعفة المنتوج، لأن جنيه يقوم على ركائز، بأن تكون حبات الزيتون قد نضجت في هذا الموسم، وتضيف بعض العائلات أنه يستحسن عدم استعمال العصا، لأنها قد تضر الأشجار كثيرا، كما أن طريقة تحويل الزيتون تلعب دورا اقتصاديا فعالا يضمن لها مضاعفة الإنتاج. وعلى صعيد آخر، فتحت المعاصر الحديثة بعنابة أبوابها لاستقبال الزيتون الذي يحول للمعاصر التقليدية التي أصبحت بدورها مهددة بالاندثار، في حين يبقى زيت الزيتون «المركوضة» الأكثر ندرة والأغلى ثمنا، نظرا لنقص استخدام هذه التقنية التقليدية في عصر الزيت.