يعيش سكان منطقة "الكدسي" بقرية الشقة في دائرة الحجيرة 120 كلم عن عاصمة الولاية ورقلة، حياة تشبه إلى حد بعيد حياة القرون الوسطى، بسبب انعدام ضروريات المعيشة، على غرار الكهرباء والماء الصالح للشرب، وهذا رغم أننا نعيش في القرن ال 21، وهم يقيمون في أغنى ولاية بالوطن. لا تزال طبيعة العيش بمنطقة الكدسي الرعوية جد بدائية من خلال انعدام أبسط ضروريات الحياة منذ مطلع السبعينيات تاريخ نشأة هذه المنطقة، حيث استوطنها سكانها ولا زالوا إلى يومنا هذا يعتمدون على إشعال نار الحطب و"الكانكي" أحيانا وفتيلة الزيت في أغلب الأحيان، أما الشموع فلا تضاء، إلا في المناسبات أو أثناء زيارتهم للسوق الأسبوعية، فلا مجال للحديث لا على الثلاجة ولا التلفاز ولا الغسالة، فالخضر التي تجلب من سوق الخميس بالحجيرة، يتم دفنها في التراب المبلل أو ما يسمى بالثراء بلغة المنطقة. ولا حديث عن تناول المشروبات الغازية أو مختلف العصائر، مثله مثل الماء الشروب المنعدم تماما بالمنطقة، ولا يجلب إلا على متن الشاحنات الرباعية الدفع لانعدام الآبار بسبب غياب الآبار الارتوازية، وهذا لانعدام الكهرباء وبحكم المهنة القاسية التي يمتهنها الآباء وهي تربية الإبل أو مختلف المواشي. والأخطر من ذلك هو حرمان أبناء المنطقة، من الدراسة منذ الاستقلال، حيث لا يزال طرق باب المدرسة حلم يتمناه الجميع بالمنطقة، وهو ما لم يتحقق لانعدام المدرسة بها، كما أن غياب معلّم قرآن بذات الجهة يجعلهم لا يعرفون للقراءة والكتابة من سبيل، فالأمية ضاربة أطنابها على حياة الأطفال والشباب وكل من يقطن المنطقة. والأمر يقتصر فقط على حفظ قصار السور التي توارثها الآباء عن الأجداد والعذر في سنوات سابقة قد يتقبل بعض الشيء بحكم أنهم كانوا بدو رحل لكنهم منذ أكثر من 05 عقود من الزمن استقروا بالمنطقة، حيث أسسوا جحرا مبنية بالمواد المحلية كالجبس والحجارة. ويقطن حاليا منطقة "الكدسي" أزيد من 30 عائلة حرفتهم الوحيدة هي تربية الإبل يطالبون فقط من الجهات الوصية بتوفير الكهرباء، كي يعمّرون الأرض ويدخلون غمار عالم الفلاحة ويجرّون ينابيع للماء كي تدب الحياة بالجهة، وإخراج منطقتهم من عزلتها بتشييد طريق يخرجهم من العزلة المضروبة عليهم رغم أن قريتهم لا تبعد بأكثر من 16 كلم عن قرية الشقة، ومساعدتهم على دمج أبنائهم بالمدرسة. وتحدث سكان المنطقة ل"الشروق" عن غياب كلي للسلطات المحلية التي لم تزرهم إطلاقا، حيث تفتقر المنطقة المذكورة لعديد المرافق الضرورية، كالمدرسة والعيادة ولا حديث على التنمية، فالمنطقة تخلو من كل شيء فلا وجود للماء ولا الكهرباء ولا الطريق ولم يسبق لأحدهم على حد قولهم ل "الشروق" أنه شاهد ممثلا عن السلطات المحلية قد زار القرية. وحتى نساء القرية لازلن يلدن بالقرية ولادة تقليدية طبيعية، رغم أنهن يمتلكن دفاتر عائلية وشهادات ميلاد، لكن فلذات أكبادهن محرومين من زيارة فرقة طبية لتطعيم أبنائهن حيث لم يستفيدوا من أي فحص طبي من قبل الجهات المختصة. وقد حاولت "الشروق" الاتصال هاتفيا برئيس دائرة الحجيرة لأخذ رأيه في الإشكال المطروح، إلا أنّ هاتفه ظل يرن دون رد.