يتطرق الإعلامي إدريس بوسكين في كتابه الجديد "أمريكا من الداخل، الهجرة والأقليات" إلى دور الهجرات خاصة منها الأمريكو لاتينية في تغيير بنية المجتمع الأمريكي، و انتشار العنصرية بسبب تأثيرات الأزمة الاقتصادية التي عملت على تراجع المستوى المعيشي للبيض في أمريكا. عبر أكثر من 300 صفحة وثلاثة فصول يفضل صاحب الكتاب في تاريخ الهجرات إلى أمريكا ودورها في تشكيل بنية المجتمع الأمريكي، حيث يتوقف المؤلف بشكل مفصل عند دور الهجرة "الهيسبانية" وهي الهجرات القادمة من أمريكا اللاتينية جنوب القارة"، وعادة ما يأتي المهاجرون خاصة من المكسيك رافضين الانصهار في المجتمع الأمريكي ومتمسكين بعاداتهم وتقاليدهم ولغاتهم الاسبانية. وهذا ما يراها بعض المفكرين في أمريكا أنه يمكن أن يشكل على المدى الطويل عامل تفرقة وتفكك للمجتمع الأمريكي. هذا ما دفع ببعض الولايات التمرد على القوانين الفيدرالية خاصة في مجال الهجرة والعمل على تطبيق قوانين صارمة للحد من التدفق "الهيسباني" القادم عبر الحدود في ظل أزمة اقتصادية تتفاقم وإصرار أمريكا على لعب دور ريادي في العالم من خلال تمويلها للحروب والصراعات وإصرارها على لعب دور شرطي العالم. وكانت النتيجة بروز عدة مفكرين في أمريكا أسسوا نظرياتهم على التحذير من "بلقنة" البلاد ودعوا إلى وجوب التصدي لتدفق المهاجرين إلى أمريكا، خاصة وأن بين أمركا وجيرانها من أمريكا اللاتينية تصفيات تاريخية تجعل البعض يتخوف من إقدام الفئة "الهيسبانية" في حال إذا ما صارت أغلبية يوما ما أن تسعى للمطالبة باستعادة المناطق الحدودية التي ضمتها أمريكا الحديثة إليها في وقت ما بأسعار رمزية، أو حتى أن يسعى هؤلاء إلى المطالبة بحقهم في كيبك أمريكي اسبانوفوني على غرار الكيبك الفرنسي في كندا. وحسب الكتاب يعتبر مستشار الرئيس نيكسون ومرشح الحزب الجمهوري لرئاسيات 1992 الذي يرى في كتابه "موت الغرب" أن الهدف من هذه الهجرة هو إعادة احتلال المكسيكيين للأراضي الأمريكية. وهو الموقف الذي يتقاسمه مع صاحب "صدام الحضارات" صموئيل هتينغتون الذي وصف الهجرات إلى أمريكا ب"أكبر حثالة هذا الزمان " كتاب "أمريكا من الداخل" يعتبر الكتاب الثاني لإدريس بوسكين بعد كتاب "أوروبا و الهجرة، الإسلام في أروبا" و الذي تناول دور الجاليات المسلمة في أوروبا في تغيير تركيبة المجمعات و فرض أنماط ثقافية وحياتية تحاول التعايش في المجتمعات الوافدة.