قبل الخوض في الحديث عن الكلب السلوقي الجزائري وذاك الامتداد للكلب السلوقي العربي الأصيل لابد من التعريج ولو وجيزا عن تاريخ السلوقي العربي الأصيل، والذي يعود إلى أزيد من 13 ألف سنة مضت. ظهرت سلالة السلوقي العربي الأصيل لدى قبائل العرب في الصحراء العربية الواسعة، وتحديدا في موطنه الأصلي قرية سلوق باليمن، حيث اهتم البدو العرب بتربيته وأعطوه قدرا كبيرا من الرعاية والتدلل، كونه الكلب الذكي والمطيع، الوفي والصياد الماهر لتنتشر بعدها تربية السلوقي ومحبته في كل شبه الجزيرة العربية، وأصبح بذلك جزءا مهما في الحياة اليومية والشريك في الخيام والطعام، فلازم الأمراء والصيادين والرعاة لما يتميز به من مقاومة لأشد ظروف البيئة الصحراوية القاسية . الرفيق الوفي والقناص المهار والأنيق الجميل كلها صفات تحلى بها السلوقي العربي الأصيل الذي سكن قلوب البدو العرب، فما كان وقت ذاك أبدا ليتاجر به، بل كان نادرا ما يهدى لمن هو جدير بحبه وتربيته، انتقل إلى شمال إفريقيا عن طريق القوافل التجارية فانتشرت تربيته والاهتمام به في بلدان المغرب العربي، حيث الصحراء الكبرى والمناطق شبه الصحراوية وخاصة في الجزائر، فأهل الجزائر وحدهم دون غيرهم من سكان دول المغرب العربي اهتموا كثيرا بتربية الكلب السلوقي العربي الاصيل فامتلكته القبائل في الصحراء وكذا سكان المناطق شبه الصحراوية والسهبية وبالأخص ولايات الجلفة وبسكرة المسيلة، الأغواط والبيض. ورغم الاهتمام الواسع الذي أبداه الجزائريون في السنوات الأخيرة بتربية السلوقي، إلا أن الخطر الأكبر الذي ظهر خلال العامين الآخيرين، والذي أصبح يهدد السلوقي الجزائري الأصيل، وجعل الصيادين وهواة الصيد يعزفون عن تربيته ظهور شبكات في الغرب الجزائري تتاجر بكلاب صيد أوروبية آتية خاصة من إسبانيا، أو ما يصطلح على تسميته بالسلوقي الاسباني الهجين والذي يتميز بسرعة المطاردة، غير أنه لا يقاوم المسافات الطويلة حسب شهادات منتقيه فقد أصبح أغلب الصيادين في الغرب الجزائري وحتى في المناطق الوسطى والصحراوية يتهافتون على شراء هذا الصنف من الكلاب السلوقية الاسبانية الهجينة بأثمان باهظة تتراوح بين 10 ملايين إلى 30 مليون سنتيم في أجواء من المشاحنة والرهان، ليخوضوا جولات صيد عشوائية ليلا ونهارا أقل ما توصف به أنها إبادة لتلك الكائنات الصيدية من أرانب وذئاب وثعالب، وفي بعض المناطق حتى تستهدف أصناف الغزال المحمي قانونا، فتكون تلك المشاهد المحزنة مجازر صيد تخل بالتوازن البيئي وتهدد الثروة الصيدية في الجزائر، يحدث كل هذا والجهات الوصية في صمت وغفلة، وضع لا محالة سيظل يتفاقم إن لم تحده إجراءات ردعية تعجل بها الهيئات المخول إليها حماية مثل هذه الثروات الصيدية البرية .