أظهر تقرير جديد صدر عن منظمة الشفافية الدولية، تزايد الفساد في تسع دول عربية بينها الجزائر وبصورة أكثر حدة في لبنان واليمن. ويشير التقرير الصادر، الثلاثاء، عن المنظمة غير الحكومية العاملة على مكافحة الفساد، بعد دراسة مسحية أجرتها شملت حوالي 11 ألف شخص في هذه الدول، إلى أن 61 بالمائة من مواطني الدول المعنية، وهي اليمن ومصر والسودان والمغرب ولبنانوالجزائر والأراضي الفلسطينية وتونسوالأردن، يعتبرون أن الفساد ازداد انتشارا خلال السنة المنصرمة، فيما تتفاوت البيانات بشكل كبير بين مختلف البلدان. وحسب التقرير فإن نسبة الذين يعتقدون أن الفساد ازداد في الجزائر تصل إلى 26 بالمائة و84 بالمائة في اليمن و75 بالمائة في الأردن، مقابل 28 بالمائة في مصر و26 بالمائة في الجزائر. وأقر 77 بالمائة من المستطلعين في اليمن و50 بالمائة في مصر أنهم دفعوا رشوة لقاء خدمة عامة، مقابل 9 بالمائة في تونس و4 بالمائة في الأردن. ويذكر التقرير أن الرأي العام في أي من هذه الدول لا يحكم إيجابيا على حكومته على صعيد مكافحة الفساد ويعتبر عمل السلطات سيئا برأي غالبية من المواطنين تتراوح بين 91 بالمائة في اليمن و58 بالمائة في مصر، في حين تبلغ في الجزائر 69 بالمائة. وبخصوص مدى انتشار الرشوة في الدول محل الدراسة، أظهر التقرير أرقاما متفاوتة خلال السنة الفارطة، وبيّن التحليل أن واحدا من بين ثلاثة أشخاص (30 بالمائة) من الذين تواصلوا مع الخدمات العامة قد دفعوا رشوة واستنادا على معدات الرشوة في كل دولة وعدد السكان البالغين فيها، فإن هذه النسبة تعادل 50 مليون شخص. وعلى الرغم من اعتبار الرشوة أمرا اعتياديا –حسب التقرير- في بعض الدول مثل مصر والسودان والمغرب، حيث قام حوالي نصف الأشخاص (48 بالمائة) بدفع رشوة عندما اتصلوا بخدمة عامة في السنة الماضية، جاءت معدلات الرشوة في دول أخرى أقل بكثير. ففي الجزائر وفلسطين حوالي شخص واحد فقط من بين ثمانية أشخاص من مستخدمي الخدمات العامة (بين 14 و13 بالمائة على الترتيب) دفعوا رشوة، بينما وصلت النسبة إلى 9 بالمائة في تونس و4 بالمائة في الأردن. ويشير التقرير إلى أن 58 بالمائة من المواطنين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يعتقدون أن المواطنين العاديين يمكنهم أن يصنعوا فرقا، بينما يشعر ما يزيد قليلا عن الربع (28 بالمائة) منهم أنهم غير قادرين على ذلك، وهو ما اعتبرته المنظمة شيئا إيجابيا إلى حد ما ويؤكد أن هناك العديد من المواطنين في المنطقة يشعون أنهم يستطيعون المساعدة في محاربة الفساد. في الجزائر، أظهرت الدراسة أن نصف المواطنين (حوالي 53 بالمائة)، يوافقون على أن المواطنين العاديين باستطاعتهم أن يصنعوا فرقا في محاربة الفساد، بينما يشعر الباقي أنهم غير قادرين على ذلك. وحول طرق وقف الفساد، ذكر معظم المواطنين في الدول المعنية بالدراسة أن أكثر الأعمال فعالية للمساعدة في محاربة الفساد هي "الإبلاغ عن الفساد" و"رفض دفع الرشوة"، ويعتقد ربع المواطنين أن الأسلوبين أكثر فعالية، غير أن هناك أقلية متشائمة حول مدى تأثير دور المواطنين في محاربة الفساد، ويقول 20 بالمائة من الأشخاص بأنه ليس هناك شيء بإمكان المواطنين فعله للمساعدة في محاربة الفساد. وبخصوص أسباب عدم الإبلاغ عن الفساد، ذكر 30 بالمائة من الأشخاص أن السبب الرئيس هو الخوف من الردود الإنتقامية وهو رأي المستجوبين في تونسوالأردن وفلسطين، وذكروا ضرورة وجود حماية أكثر فعالية للمبلغين ووضع آليات إبلاغ آمنة في المنطقة ككل، بحيث يستطيع المواطنون الإبلاغ عن الفساد دون خوف من الإنتقام. ويعود السبب الثاني الأكثر شيوعا لعدم قيام المواطنين بالإبلاغ عن المزيد من حالات الفساد أنهم يشعرون أن الأمر لن يحدث فرقا، حيث لن تتم معالجته (19 بالمائة)، أما السبب الثالث فيعود لعدم معرفة المواطنين بوجود طرق أو آليات للتبليغ عن الفساد (13 بالمائة)، وترتفع في الجزائر ومصر نسبة المواطنين الذين لا يعلومن عن آليات الإبلاغ إلى (24 بالمائة)، مما يشير إلى حاجة أكثر إلحاحا في هذين البلدين لزيادة الوعي بآليات الإبلاغ الآمنة الموجودة. وخلصت الدراسة إلى أن الفساد يظل التحدي الرئيسي للمنطقة، ويظل تطوير آليات فعالة ضد الفساد بحاجة إلى أن يسير يدا بيد مع ضمان الحقوق الأساسية، وان مكافحة الفساد ستنجح فقط إذا كانت الحكومات مستعدة لعمل نقلة نوعية وجذرية من أجل السماح بمشاركة المواطنين والمجتمع المدني بفعالية في الحياة العامة.