غريبة أمور العلاقات بين الدول ..لا تعرف إلا المصالح والمكاسب ولو كان الثمن أحيانا هدر القيم والمبادئ ذلك بالضبط ما يفسر محاولات الاقتراب بين إيران وأمريكا في الملعب الأفغاني . * * هناك بيت شعر عربي يقول "إذا رأيت نيوب الليث بارزة، فلا تظن الليث يبتسم"، وهذا ينطبق على إدارة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي وجدت نفسها مضطرة للاستعانة بإيران في الوضع الأفغاني والباكستاني، ولكن هذا لا يعني بتاتاً تسوية المشاكل العالقة بين الطرفين في قضايا أخرى حساسة لكلا الطرفين ، فحتى الآن العلاقات ليست طبيعية وإنما اقتضتها المصلحة وخاصة مصلحة تسوية الوضع أو تهدئته في أفغانستانوباكستان. * الملاحظ أن الرئيس اوباما قد جمع باكستان مع أفغانستان في سلة واحدة وهذا يعني أولا: ازدياد المطامع الأمريكية في آسيا الوسطى الإسلامية، ويعني ثانيا: التفرغ للضغط على إيران بعد أن يتم إنهاء التمرد الأفغاني والتململ الباكستاني، لان القيام بتسوية الوضع في أفغانستانوباكستان يعني تكبيل الوضع في هاتين الدولتين وتوجيهه لصالح أمريكا وهذا يعني إتمام الطوق مع الطوق الهندي لتطويق إيران..وهكذا يمكن بعد ذلك استنزاف إيران على أكثر من جبهة. * الموضوع لا يعني البتة أي قبول أمريكي بطبيعة النظام الإيراني رغم تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية،ولقد عودتنا أمريكا كيف تنقلب على حلفائها وتفتك بهم ونموذج العراق وباكستان ماثلين للعيان وهنا تصبح إيران من باب المصلحة مدعوة إلى الحرص والاهتمام ومعرفة كما يقال أين يجب الوقوف وأين يجب التنحي وأين يجب المتابعة، صحيح أن إيران قد تجد في فتح حوار مع الأمريكان مصلحة لها، ولكنه في الوقت نفسه لمصلحة الولاياتالمتحدةالأمريكية لأنه ثبت أن حلف الناتو ليس بقادر على حل مشكلة أفغانستان. إن مصلحة أمريكا تستلزم المعونة الإيرانية التي لابد منها "أضع خطاً تحت لابد منها" لتسوية الوضع بأفغانستان وبالأحرى إنهاء تمرد طالبان في أفغانستان وفي باكستان فهذه مؤامرة مؤقتة يعني يجب أن لا نعتقد أن الولاياتالمتحدة بهذا يمكن أن تدخل في مرحلة شهر عسل مع الحكومة الإيرانية، وهذا ليس ناجماً عن عدم إرادة إيران ذلك وإنما عدم سماح مختلف اللوبيات القائمة في الولاياتالمتحدةالأمريكية بتسوية الوضع نهائياً مع إيران،فهناك ملفات لابد أن تسلمها إيران للإدارة الأمريكية مثل الملف اللبناني والفلسطيني والنووي قبل أن يحصل أي تقارب حقيقي.. إن إيران تسير في عملية المهادنة هذه ولكن عليها أن تخشى أن استخدامها والاستعانة بها هو استعانة مؤقتة مرحلية لحل القضية الأفغانية والباكستانية وليس لحل القضايا القائمة بين إيرانوالولاياتالمتحدة، تلك التي تستدعي وقتاً أطول وتسويات على مستوى أوسع.