أعلنت مؤخرا سلسلة محلات فرجين مقاستور المتخصصة في بيع كل ما له علاقة بالإعلام والوسائط السمعية البصرية، وهي المحلات الأكثر شهرة عالميا والمتواجدة في أكثر من 50 بلدا، أن كتاب أحلام مستغانمي الأخير يحقق المرتبة الأولى في مبيعات الكتب. * * وهو نجاح يضاف إلى الانتشار الذي حققه الكتاب في عدد من الدول العربية وخاصة في بيروت، زيادة على تناوله على نطاق واسع في عدة مواقع إنترنت. هذا الإقبال الكبير على كتاب أحلام صنعته الحملة الإشهارية الضخمة والخطة الدقيقة التي اعتمدتها أحلام لتسويق كتابها على موقع "الفايس بوك"، إلى جانب عملية التنسيق التي فرضها عملها مع الفنانة جاهدة وهبة التي نقلت بصوتها العديد من الأعمال الأدبية إلى دائرة الفن والغناء، لذا كان التحالف بين أحلام وجاهدة لإدارة حملة إعلامية بتلك الدقة كفيلا بأن يصنع هذا النجاح غير المتوقع لكتاب أحلام أشهرا فقط بعد طرحه في المكتبات. * وتكون بذلك مستغانمي قد أخرجت الكتاب من عصر الأدب الكلاسيكي إلى عصر النجوم والمشاهير و"لبيلز"، وصارت تشكل ظاهرة في الأدب أشبه بظاهرة "هيفاء وهبي أو نانسي عجرم في الغناء"، حيث صار لها جمهور يتهافت على كتبها ومؤلفاتها التي تعد الأكثر انتشارا بين القراء العرب بمعدل قراءة لم يحققها حتى كبار الكتاب أمثال نجيب محفوظ صاحب نوبل، حتى صار نقاد الأدب اليوم يتحدثون عن "ظاهرة في الأدب اسمها أحلام مستغانمي". * وحتى وإن كان محتوى الكتاب ليس في مستوى الضجة التي أحدثتها عودة أحلام إلى الكتابة من باب النجوم والمشاهير، لكن من يجرؤ أن يقول لا لصاحبة الجلالة، سواء كان من النقاد أو الصحفيين، لأنه حينها سيتهم بقلة الذوق وربما الجهل أيضا، لأنه خرج عن السياق العام الذي يجمع "إعلاميا" على الأقل أن أحلام "عملاقة". وإذا ربطنا عملية الانتشار المذهل لكل ما تكتبه أحلام بمنطق النجومية والصناعة الإعلامية فأحلام فعلا عملاقة، لأنها تعرف من أي وكيف ومتى تؤكل الكتف، ما دام كل شيء في هذا العصر قابلا للترويج والتسويق حتى الكتاب. * هذا بالإضافة إلى أن اللغة التي كتب بها الكتاب لا أحد يجرؤ على المزايدة عليها، فأحلام معروفة بلغتها الأنيقة والشاعرية التي جمعت فيها بين لغة مالك حداد ولغة غادة السمان، فأحلام تعرف جيدا كيف تنتقم بلغتها لأجيال كاملة من المحرومين سياسيا، اجتماعيا وعاطفيا في الوطن العربي، وتعرف كيف تذهب مباشرة للب الأشياء مع قدرتها على رواية التفاصيل بلغة مدهشة، وربما أحد الأسباب التي حققت أيضا الانتشار للكتاب هو عزف صاحبة الثلاثية على وتر "الشعبوية" فغالبا ما تؤكد في أكثر من مناسبة أنها لا تكتب للنخبة، لكنها تكتب للطبقة المهمشة والبسطاء من الناس، وهذا إنذار مسبق أنها لا تعترف بسلطة النقاد ،رغم أنها تعشق أن تذيّل أغلفة كتبها بشهادات الإطناب والمدح من قبل الإعلاميين والشخصيات الكبيرة، حتى ولو لم تكن ذات علاقة مع الأدب. في كتابها الجديد حرصت أحلام أن تبرز" أنوثتها" وتدافع عن أنوثة المرأة العربية وتنصب نفسها محاميا عليها ضد طغيان وغطرسة الرجال. * ولم تنس "كاتبة الرغبة" كما تسمي نفسها، أن تغلف نصائحها الثمينة للنساء بكل ما أوتيت من خبرة في التسوق وعرض صداقاتها مع فلان وعلان، واستعراض جانب من أقوال الذين تقرأ لهم من كتّاب وشعراء وحتى مطربين، فضلا عن كونها فضلت أن تدخل ميدانا يجلب كثيرا الشباب، وتعزف على وتر الجيل الجديد، وتقدم كتابا أشبه بالكتب التي تقدم للنساء وصفات عصرية من قبيل "كيف تصير ثريا" و"كيف تكسب صداقات" و"كيف تقضي على السمنة ولاكتئاب" و"كيف تتعلم لغة وتصير مليونيرا في أيام وأشهر"... إلى غيرها من الكتب العملية التي يستعملها الإنسان في حياته اليومية، خاصة وأنها أقحمت جانبا من لغة الشارع والدارجة العربية من الجزائر إلى بيروت، لكن المهم في كل هذا أن أحلام ما تزال الكاتبة رقم واحد في الوطن العربي سواء بمعايير الأدب أو بمعايير السوق.. واللعنة على النقد والنقاد.