في سابقة لم تشهدها المواسم الدراسية منذ استقلال الجزائر، راحت بعض الأمهات تجتهدن في ابتكار حل لمعضلة نفاد مآزر التلاميذ الوردية والزرقاء من السوق، فلم تجد بعضهن حرجا من تفصيل مآزر وردية من قماش شراشف وأغطية الأسرة أو زرقاء من ستائر الشرفات الخشنة، بل راحت أخريات تتوسلن إلى أصحاب المحلات بالبحث لهن عن مآزر ولو بأكثر من 1000 دينار. * هذه ورطة حقيقية لم تكن على البال ومعضلة، إضافية مع الدخول المدرسي الجديد، زادت حدتها عندما تعلق الأمر بمهلة وضعها الوزير في أيدي الأولياء ليأتي أبناءهم بمآزر وردية إذا كانت بنتا أو أزرقا إذا كان ولدا وإلا فليقعد التلميذ إلى جانب أمه في البيت. * أمام هذا الوضع الفريد من نوعه، باتت الأمهات وكثير من الآباء مثل المتهم الذي يملك مهلة لإحضار دليل براءته أمام القاضي، فاختارت بعض الأمهات كحل أخير لا تنازل عنه تفصيل مآزر لابنتها من القماش الوردي لشراشف الأسرة أو غطاء السرير، هذا الذي لا تقتنيه إلا العرائس بغرض تطريزه ليكون قطعة تزين بها الجهاز، ويعرف هذا القماش بمدى صلابته وعدم صلاحيته لتحمله أكتاف صغيرة هشة في شكل مئزر تلميذة. * ومثل أم البنات هذه راحت أم الولد تطلب من بائع الأقمشة أن يقطع لها قطعة من قماش ستائر الشرفات الخشن، المعروف بصلابة نسيجه لتحمل العوامل المناخية التي يحمي منها المنازل، حيث وجد ليظل معلقا ليل نهار قبالة الشمس والرياح وكان يصلح ربما للباس الميكانيكي، لكن ليس ليرتديه تلميذ صغير في شكل مئزر، فهذه لم تحدث حتى في "عام الماريكان" على حد قول أحد الآباء!!. * والغريب أن الأمهات المقبلات على شراء هذا النوع من الأقمشة لمآزر أبنائهن هن أمهات يائسات قبلن أن يخرج أبناؤهن بمئزر "خشن" بعدما اتفقن مسبقا مع الخياطة وأخذن منها التزاما بسرعة الإنجاز، ولا تريد هؤلاء تضييع الفرصة بعدما جربن كل الطرق حتى من قبل موعد الدخول المدرسي للظفر بمئزر وردي أو ازرق، لكن دون جدوى، فحتى ب 1000 دينار وأكثر لم تجدن ما توفين به واجب التلميذ في لبس لون من الاثنين هذا الموسم، وقد نفد قماش المآزر هو الآخر فما بقي من حل إلا الذي فكرت فيه بعضهن والمهلة أمامهن تتقلص يوما عن يوم.