عائلة صالح محمد الأمين في الشارع من جديد شاءت الأقدار أن يولد محمد وفائزة دون معرفة أبويهما فيترعرعان دون هوية ولا نسب داخل مركز للطفولة المسعفة بسركوف... * تحابا فيه وتقاسما مرارة الوحدة ليتزوجا داخله ويخوضا غمار الحياة ومتاعبها وهما في بداية العشرين من العمر.. لكن بعدها بأيام شاءت الأيام أن تفرقهما لأول مرة ولمدة سنتين قضاها محمد في السجن دون محاكمة ولا محضر للشرطة بسبب مطالبته بحقوقه من داخل وزارة التضامن التي اقتيد منها مباشرة إلى السجن. * "عذبوني.. عذبوني.. عذبوني، أصبت بالسكري، سجنت.. ضُربت وطردت إلى الشارع مع زوجتي، حاولوا أخذ أولادي مني بالقوة.. تجرعت مرارة الظلم وأنا رضيع.. قصدت جميع المسؤولين لكن الكل أعرض عني ورفض مساعدتي.. أطلقوا علينا اسم أبناء الدولة لكني تعلمت شيئا واحدا في هذه الحياة هو أنه لا وجود أبدا للدولة..." * بهذه العبارات المتلاطمة المنبعثة من قلب يحترق، استقبلنا صالح محمد الأمين (25 سنة) في كوخه القصديري الذي يتوسط أرقى أحياء بلدية برج البحري بالعاصمة، علامات الفقر والحرمان بادية على كل ركن في الخيمة وحتى طفلته الرضيعة استغرقت في البكاء لأنها كانت تتضور جوعا.. أما زوجته فقد كانت منهارة نفسيا وهي تعاني رفقت أبنائها مرارة البرد القارس والأمطار التي كانت قطراتها تتسرب من فوق سطح القصدير الذي يغطي شبه البيت. محمد قالها لنا بكل ألم: أنا اليوم لا أبحث عن أصلي ولا من أكون.. أريد فقط تأمين مستقبل أولادي الذين حُرموا من الدراسة بسبب انعدام الوثائق التي تتعلق بي لدرجة أن ولدي طرد من رياض الأطفال التابعة لبلدية برج البحري لأن والده لا يملك شهادة الميلاد ولا الإقامة.. لقد وعدني الكثير من المسؤولين بتسوية وضعيتي الإدارية، لكن هذه الوعود لم تعرف طريقها إلى التحقيق، وحتى العمل حُرمت منه، أينما أذهب أجد نفسي عاجزا عن تقديم أي وثيقة، خاصة فيما يتعلق بالمستوى التعليمي الذي حرمته وأنا صغير وبطاقة الخدمة الوطنية التي حرمت منها أيضا لأني ترعرعت في مكان مظلم أشبه ما يكون بالسجن .... * وبكل حسرة، يضيف محمد، أنا اليوم لا أملك حتى حق شراء الحليب لأطفالي، قصدتُ مصالح وزارة التضامن والهلال الأحمر والبلدية، لكن الكل طردني من البوابة ورفضوا حتى الإصغاء إلى مشاكلي، والأمر لم يتوقف هنا بل وصل لحد أن مسؤولي البلدية حاولوا في كثير من الأحيان طردي من خيمتي وتشريد زوجتي وأبنائي في الشارع لدرجة أن "المير" طردني من مكتبه قائلا: أنا لست وزارة التضامن.. ورغم أني قدمت أربعة ملفات للاستفادة من السكن الاجتماعي، غير أني حرمت من ذلك في وقت رحلت فيه الكثير من العائلات التي هي أحسن حالا مني ... * ويضيف المتحدث، أنه مستعد لإجراء مناظرة تلفزيونية مع وزير التضامن أو المسؤول الأول عن ملف الطفولة المسعفة التي يطلقون عليها أسماء لم تحمل من معانيها شيئا على غرار "أبناء االدولة"، وذلك يؤكد لأثبت له أن الدولة تخلت تماما عن هذه الشريحة التي تفرقت مابين التشرد والجنون والانتحار، لأني أعرف الكثير من أصدقائي الذين انتحروا لأنهم عانوا ويلات التشرد والجوع، حيث أن قانون مراكز الطفولة المسعفة يقضي بطرد كل طفل أو فتاة يتعدى سنهما 18 سنة ليتحول الشارع. * وفي نفس السياق، كشف محمد أن زوجته فقدت مولودين بسبب مضاعفات الولادة، لأنها وبكل بساطة طُردت من المستشفى لأنها من شريحة الطفولة المسعفة التي فقدت الحق في الولادة وحتى في دخول مستشفيات الدولة! * من جهة أخرى، تضيف زوجة محمد، السيدة فائزة، أن ولديها أصيبا بأمراض نفسية خطيرة جراء البرد القارس والرطوبة، كما أنها تعرضت للإهانة من طرف المسؤولين الذين لا يتقنون غير الوعود. * وفي الأخير طالب محمد بضرورة التكفل والالتفات لعشرات الأطفال مجهولي الهوية الذين يعانون في صمت رهيب وقد يتحولون في أي وقت إلى قنابل مدمرة. لمن يرغب في مساعدة هذه العائلة يمكنكم الاتصال بالسيد محمد صالح الأمين على الرقم التالي: 0775 70 03 54