من المسؤول عن هلاك الشقيقات الأربع بمدينة سعيدة بداء السل في مشهد لم يحدث إلا في القرون الغابرة، قبل اكتشاف أمصال ودواء هذا الداء المعدي؟ سؤال يجب التحلي بالشجاعة قبل الإجابة عليه. * * فالجزائر بلد رائد في الطب، إذ يصدر حاليا ما لا يقل عن ثلاثة آلاف طبيب إلى فرنسا فقط، ووزير الصحة يقول إننا نمتلك مستشفيات مختصة غير موجودة في كل إفريقيا، ومعاهد الطب عندنا تكاد تكون الوحيدة التي مازال فيها الاجتهاد هو السبيل الأوحد للنجاح. * لماذا لم يتحرك الوالد زاوي قويدر عندما خطفت الموت أولى بناته "فاطنة"؟ لماذا لم يتحرك الجيران وهم يتابعون أخطبوط الموت يبيد البنات الواحدة تلو الأخرى؟ لماذا لم يتحرك رئيس بلدية سعيدة الذي منحه الطيبون أصواتهم بحثاعن حياة أفضل؟ لماذا لم يتحرك رئيس مجتمع السلم أبو جرة سلطاني خاصة أن الضحية مريم مناضلة في حركته السياسية؟ لماذا لم يتحرك رئيس الدائرة ووالي الولاية ورئيس الحكومة والجمهورية والسل يبيد عائلة بأكملها في قلب مدينة جزائرية في عز 2008؟ لماذا لم تعلن الصحافة الفضيحة والحداد مع أول ضحية لداء السل؟ لماذا لم تتحرك الجمعيات الطبية التي سافرت إلى الأردن لاستقدام أبناء العراق الجريح برغم تثميننا لما قامت به من عمل إنساني؟ بل لماذا لم تتحرك هاته الجمعيات المحلية التي تأخذ المال مثل الماء في مدينة الناس فيها منشغلون إما بنجوم الكرة أو بابن المدينة الشاب مامي الذي سارع أثناء العملية الجراحية التي أجراها رئيس الجمهورية في باريس ليتحول إلى الناطق الطبي لتطمين الشعب، ولم نر له أثرا وسط عائلة زاوي التي أبادها السل في لمح البصر وبيتها القصديري لا يبعد عن المسكن العائلي لمامي إلا ببضع خطوات؟! * السل ابتلع فاطنة ثم فاطمة ثم عائشة ثم مريم، وأقعد كريمة، وأخرج قويدر عن الحياة، في بلد صار يتنفس ملايير الدولارات، وكلنا مسؤولون عن هاته الفاجعة من شعب مهموم خلف السراب وسلطة تصنع السراب، فماذا لو منحنا لبنات سعيدة الراحلات بعض المال أو بعض الاهتمام الذي منحناه لماجدة الرومي ولنوال الزغبي وسنمنعه لنانسي عجرم وهيفاء وهبي؟!