بيّنت الدراسات التي أجرتها الجمعية الجزائرية للأمراض التنفسية برئاسة البروفيسور نافثي أن حوالي 30 من الأشخاص الذين يبلغ سنّهم ما بين 35 و55 سنة، يُعانون حاليّاً من أمراض تنفسيّة، فيما ترتفع النّسبة إلى 60 عند الفئة العمريّة التي تتجاوز 55 سنة ونسبة كبيرة منهم تعاني من مرض السل الخطير. أكد البروفيسور سليم نافثي أن 21 ألف شخص تعرضوا للإصابة بمرض السل لاسيما في المدن والأرياف في غرب البلاد، حسب ما أكدته الدراسات التي أجرتها الجمعية لمرض السل لسنة 2008 وقدرت نسبة الرجال المصابين بمرض السل 52 بالمائة والنساء ب47 بالمائة. كما سجلت الجزائر في السنة الماضية 10 الاف حالة سل رئوي 60 بالمائة منهم رجال. ورغم أن الجزائر قد عملت منذ استقلالها على انتهاج أسلوب شامل للوقاية والعلاج عبر جميع المراكز والوحدات الصحية مما قلص من نسب الإصابة بهذا الداء، إلا أن المؤشرات تؤكد عودة هذا المرض إلى المجتمع الجزائري لأسباب عديدة أهمها الفقر. ويؤكد البروفيسور نافثي أن السل مرض بكتيري معد يصيب في العادة أقل من 05 إلى 10 بالمائة من الحالات التي تفد إلى المستشفيات، في حين أن باقي الحالات يتم التقاط المرض لديها عن طريق العدوى. وقد حذر من خطر الاستهانة بالسل، إذ أن انحسار هذا المرض من مخيلة الجزائريين عقب اكتشاف مضادات في السبعينيات قضت عليه مؤقتا قد محا من أذهانهم تلك الصور الرهيبة التي كان عليها مرضى السل، والنهاية المؤلمة التي كان يصل إليها المريض. ويعتقد الكثير منهم أن مرض السل مرض هين وبالتالي يتساهلون في الاحتياط منه والأخذ بسبل العلاج. والسل هو أحد الأمراض المعدية تسببه بكتيريا تُعرف باسم جرثومة السل الفطرية، ويؤثر هذا المرض في المقام الأول على الرئتين، غير أنه قد يؤثر أيضًا على أي عضو آخر بالجسم. 70 بالمائة من أسباب السل يعود إلى قلة النظافة ذكر البروفيسور نافثي أنّ قلة النظافة تتسبب ب70 % من حالات الإصابة بداء السل في الجزائر. وأكد على أنّ أعلى معدلات الإصابة بمرض السل سُجلت بالمناطق التي تنعدم فيها النظافة، سيما عموم الضواحي الواقعة بهوامش المدن الكبرى وكذا أحياء الصفيح الهشة الناشئة حول التجمعات السكنية الكبرى في محيط العاصمة، وتنذر بخطر أكيد بحكم استيعابها لآلاف الأشخاص. وتبعا لذلك تسعى الدوائر الصحية إلى تكثيف حملاتها على مستوى المناطق المصنفة على اللائحة السوداء، وتوعية عموم العوائل القاطنة هناك بتلقيح الرضع بلقاح ''بي سي جي''، طالما أنّ السل مرض معدٍ سببه جرثومة تصيب الرئتين وتنتقل عن طريق التنفس واللمس والتغذية، سيما إذا جرى تناول حليب غير مغلي لبقرة مصابة بالسل الثديي. وأضاف البروفيسور أن الجزائر تتطلع إلى تحقيق نجاح علاجي للسل في حدود 99 في المائة، وإنزال مستوى الوفيات الناجمة عن السل إلى حدود النصف بحلول العام ,2015 في وقت يرجع مراقبون سببية تفاقم السل في الجزائر إلى اتساع رقعة الفقر، ويرون أنّه ما دام الأخير منتشرا، فإنّ السل وتوابعه ستبقى جاثمة، مع الإشارة إلى أنّ عدد الإصابات بمرض السل في الجزائر خلال الثلث الأول من العام الحالي زاد ثلاث مرات مقارنة مع العام الماضي، وصارت ست حالات على الأقل تظهر كل أسبوع، وهو معدل مرتفع إذا ما قورن مع فترات سابقة لم تشهد سوى ثلاثة حالات على الأكثر أسبوعيا. حرفيو الحجارة مهددون بمرض السليكوز يلاحق مرض السليكوز الخطير نصف حرفيي الجزائر الذين يشتغلون بميدان النقش على الحجارة. وذكر البروفيسور نافثي أنّ الإصابة بمرض السليكوز المميت ناتجة أساسا عن ترسب الغبار المنبعث من الحجارة المنقوشة للرئتين، وما يتسبب به ذلك من مصاعب في علاج هذا الداء.وأضاف أنّ نسبة 50 بالمائة من الحرفيين الذين يقومون بنقش الحجارة في مناطق جزائرية متعددة، مصابون بمرض السليكوز بدرجات متفاوتة، وبين البروفيسور خطورة الوضع خاصة إذا علمنا أن عدد العاملين في هذه الحرفة يتراوح عددهم بين ألف و1200 شخص ويزداد حرج الإصابة بمرض السليكوز لدى نصف هؤلاء الحرفيين، مع كون غالبيتهم يعملون لحسابهم الخاص وغير مؤمنين اجتماعيا ولا مصرح بهم، ما يجعلهم في وضعية صعبة جدا للتكفل بهم من ناحية العلاج وبعائلاتهم بعد الوفاة كما أنّه لا يمكن الكشف عن مرض السليكوز إلاّ عن طريق الأشعة المصورة الطبية، كما أنّ أعراض الداء لا تظهر إلا بعد بلوغه مراحل متطورة وتعقد عملية التنفس. وأضاف البروفيسور أنه إلى حد الآن توفي 40 شخصا من الحرفيين على نقش الحجارة أصغرهم لم يتعدّ سنه 21 عاما. ووجه نداءه إلى الجهات الرسمية المختصة لتقنيين حرفة النقش على الحجر وتنظيمها وحماية الحرفيين، بحكم أنّ الواقيات المستعملة من طرف البعض لتفادي تسرب الغبار إلى الرئة، غير خاضعة إلى المقاييس، ولا تحميهم إلا لفترة وجيزة جدا مما يعرض حياتهم إلى الخطر، حث أيضا على تعزيز الوسائل الوقائية وعمليات التحسيس. 3500 حالة سرطان رئة سنويا تسجّل الجزائر أكثر من 3500 حالة سرطان رئة جديدة سنويا، وهو المرض الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية في وفيات الأشخاص في البلاد، حسب ما ذكره البروفيسور نافثي الذي أكد أن التدخين سجل لدى 90 بالمائة من المصابين بسرطان الرئة، كما أنه العامل الرئيسي في الإصابة بهذا النوع من السرطان. ويأمل الدكتور نافثي سليم في وضع مخطط وطني لمكافحة السرطان والمتضمن مكافحة التدخين بإشراك كافة المؤسسات الرسمية للوطن من اجل تنظيم وعلاج وتكفل أحسن بمرضى السرطان، مضيفا أن التدخين في الجزائر يكون في سن صغيرة جدا وهو ما يعني التنبؤ بتسجيل حالات جديدة دائما في المستقبل، لأن تأثيرات التدخين لا تظهر إلا بعد ثلاثين سنة. وفيما يخص العلاج، صرح الدكتور نافثي أن لا وجود لدواء سحري لمكافحة تأثيرات التدخين وتبقى الجراحة الحل الوحيد الفعال، وألح على ضرورة التشخيص المبكر الذي يسمح بإجراء عمليات جراحية للمريض في أحسن الآجال وبحظوظ اكبر للمريض في الشفاء. وأضاف أنه يتوجب على المريض الذي يتعرض للأعراض التي تؤشر على الإصابة أن يبادر بعرض نفسه حين ظهورها على طبيب عام يوجهه نحو اختصاصي الأمراض الصدرية الذي يباشر فحصه بصفة أكثر تدقيقا، مع إخضاعه للأشعة الصدرية التي تشخص الحالة. وهذا يسمح بالكشف المبكر عن الإصابة، وبالتالي تلقي العلاج قبل بلوغ المرض مرحلة متقدمة. وعن أعراض الداء، أكد لنا البروفيسور نافثي أنها ممثلة عادة في السعال المصحوب بصعوبة التنفس، إلى جانب آلام صدرية. وعن أنواع السرطان التي تصيب الجهاز التنفسي، علاوة على سرطان منطقة ما بين الرئتين وغيره، أكد لنا البروفيسور أن سرطان الرئتين يأتي في الصدارة ويعتبر كذلك أول سرطان عند الرجل بالجزائر، حيث يحصي 3500 حالات جديدة سنويا. مع الإشارة إلى أن 80 بالمائة من المصابين يتوفون في الخمس سنوات التي تلي الإصابة، وهو ما يجعله مشكلا للصحة العمومية. كما أن احتمالات الإصابة بمرض السرطان بين المدخنين أعلى بكثير منها بين غير المدخنين.