منذ أن أعلن وزيرنا للإعلام (غير الشيات) حميد ڤرين، أي سي لخضر (مترجمة إلى الانجليزية) نيته في إنشاء وكالة (عقارية) لترقية صورة الجزائر في الخارج بالتنسيق مع عدة وزارات، وأنا أفكر (وأمثالي كثر أيضا) في كيفية تحقيق هذه الغاية النبيلة، خاصة أنها مهمتنا جميعا. فمن واجب البلاد التي أنجبتنا وأرضعتنا وأطعمتنا ووظفتنا وزوجتنا وطلقتنا، ووفرت لنا مسكنا لائقا في الدنيا وفي الآخرة وبنت لنا طريقا سيارا وتفكر أن تبني لنا أنهارا وبحارا أن نقدمها لغيرنا كزهرة ندى على طبق من فضة حتى ولو كان الذي سيشمها مثل القرد الذي لا ينقصه إلا الورد (ليلعب به)! وهذا لا يكون إلا بترقية صورتها (من السواد) إلى البياض، من رتبة كبران إلى رتبة فريق، وحتى إن لزم الأمر لابد من الاستعانة بالرقيا كنوع من الترقية ضد كل من حسد أمة تعيش لكي تأكل وتأكل لكي تعيش، وهو أكثر همها ومبلغ علمها! أما مكمن الصعوبة في تحويل السواد في الجزائر إلى بياض كما يراها معظمنا (من دون صور بالألوان) فتنطلق من فكرة حجم المهمة الملقاة على هذه الوكالة وعلى رئيسها الوكال (الذي يأكل الغلّة ولا يسبّ الملة) فبعض الدّول مثلا تعمل على ترقية صورها بواسطة الاعتماد على ترقية وجهتها السياحية مثلا بما تفرضه بأن يكنس كل واحد أمام بيته ولا يبول أحدنا في الطريق ولا يمارس التسوّل ولا يؤذن في المزبلة ولا ينشر الغسيل في الشرفات ويقضي على البناء الأحمر (بالآجر) ولا يقول إلا الكلام المليح، ولا يكون مثل سيدي وجواده الذي يهزه الريّح، فينطح كالثور من أجل حبة تمر! أما ترقية صورة البلاد من أخمص أصبعها وحتى رأسها فهي مهمة مستحيلة لا يمكن تحقيقها إلا بتغيير النظام برمته ومعه الخلق الذي يركبه! آفة السواد وعلى فرضية أن عمنا ڤرين سيبدأ بالفعل في إنشاء وكالته الفريدة من نوعها تلك يمكننا أن نفترض أن الإطارات التي سنسند لها مهمة التبييض (بالماء والصابون وجافيل براف) سيظهرون على هذا النحو: - يمنع على الأعضاء لبس السواد، حتى وضع النظارات السوداء كما يفعل حراس الحكومة المهمين وحتى استخدام سيارات سوداء اللون قد ترهب الواحد منا وإن كان يقينا أن الراكب فيها لا يملأ العين ولا يطمئن القلب. - كل الأعضاء مطلوب منهم أن يكونوا مكستمين مكرفتين بالأبيض، فالمظهر لابد أن يغطي المبطن، بما أن هؤلاء على عادة تعيين المسؤولين أقربهم إليها وللجائزة أبعدهم عن الكفاءة والالتزام وأكثرهم ملحسة ومرخسة بعد الإطارات (المطاطية) التي ستدير الوكالة بناء على مقاييس الكفاءة (بالقلوب) واليقظة الأمنية (في المنام) يمكننا أن نتصور الديكور الخارجي الذي يمكن أن تزين به الوكالة كي توفر أريحية تشعر الواحد منهم ومنا يجزم بأن العيش في يابان افريقيا أي الجزائر كما سميت في عهد بومدين أفضل من العيش في بلاد بلاتير! وبما أن الصورة جزء مهم من الديكور يمكن تعليق الرسوم (غير الكاريكاتورية) الآتية: - صورة الرئيس في وضعيته الأخيرة على كرسي متحرك.. دلالة على كون الدولة دولة مؤسسات يحكمها الرئيس بقبضة من حديد وقصدير، وهو موجود حتى تحت التراب. - صورة جلاب وزير المال بعد أن قال في آخر خرجة له إن الدولة غنيّة (وأنتم الفقراء) مع أن كل من يعرف البلاد يقول أن تصرفاتها التي تتحدد وفق سعر البترول وهو الشيء الوحيد الذي تنتجه تقريبا تشبه كمن يحمل في أصبعه خاتما من ذهب، وهو عريان كما خلقته أمه! - صورة الخليفة (نيفو امويان) أي مستوى متوسط وقد وضع في سجن الحراش عنوانا على كون كل سارق للمال العام حتى أصبع مليارديرا وهو يرضع أصبعه نهايته في دار خالته، فهذه هي دولة القانون بعد أن يهرب السارق، ثم يعودون به فارغ الجيب لمحاسبته! - صورة بولطيف مدير الجوية التي تضع طائراته كل يوم نكتة وسكتة (قلبية) دليلا على المؤسسات الناجحة (العمومية والخاصة) التي تسند مهمات تسييرها لأصحاب الكاتريام وما أدراك ما أصحاب الكاتريام! هذا هو الإطار العام الذي يمكن أن تتشكل فيه الإدارة التي ستقود الوكالة في مهمة تبييض صورة الجزائر، وما ينقصها الآن هو وضع الخطة فقط، وهي عملية حساسة لا تضاهيها إلا خطة مدرب الجلدة المنفوخة على الورق قبل أن تنفذ في الملعب! والمعلومات الشحيحة التي وردت إلينا عن أخبار الوكالة المزمع إنشاؤها من قبل وزيرنا الغيور على الوطنية أنه سيعتمد بالأساس على جماعة الجرانجية على وزن القهواجية من "جورنال" يزهد فيها القراء وهي بثمن حبة حلوى سويسرية! وإذا صح الكلام هذا، سيكون الوزير قد نسف مشروعه بنفسه، فهو من هذا الجانب يشبه كمن (عول على نسيبتو فبات بلا عشاء)! والسبب أن الصحفيين في كلا القطاعين، وخاصة الحكومي منه يضربون شيتة تصل حد القرف، وهو أسلوب لا ينفع مع الخارج، ومع ذلك فإن مسؤولي "نيفو الكاتريام" يستحسنون ذلك، وهم يعرفون يقينا بأن كل ما يقال فيهم ليس صحيحا، وأن المخربشين يمارسون سياسة التملق ودهن السير! ولهذا إذا كان الوزير يرغب في نجاح مشروعه الطموح الذي سيخلده في سجل شهداء البنادرية بعد أن ينفجر في وجوههم وليس في سجل شهداء حرية الكلمة أن يعكس ما كان يقوم به رئيسنا ورئيسه قبل عهد الكرسي المتحرك! فالرئيس لم يكن ينزل من طائرته حتى يعود إليها مرفوقا بوفد هام من البزناسة أي رجال المال والاعلام يقوم بتببيض وجه الجزائر في الخارج مما لحقها من عصر الإرهاب! أما الآن فالعملية معكوسة! فقد زارنا مثلا وزير خارجية أمريكا جون كيري لمدة سويعات وقال لبوتفليقة إنه يود أن يبقى مدة أطول.. فما كان من الرئيس إلا أن طلب منه قضاء إجازته في الجزائر "باطل"، أي مجانا وإذا صدق الوعد وجاء الوزير فسيكون فاتحة لمجيء كيريات آخرين من كيري (أي الضاحك بالفرنسية) فيضحكون ونضحك عليهم ويضحكون علينا ونتصور معهم ضمن سياسة تببيض الوجه ومحاربة رفة السواد في العينين، وهكذا سيرتاح سي ڤرين وينظر بالألوان بما أن الأبيض وليس الأسود كما قالت الروائية أحلام مستغانمي وأحلام "البسكري" والوهراني يليق بك!!