تآكلت حظوظ حزب جبهة القوى الاشتراكية في إنجاح ندوة الإجماع الوطني، التي يعتزم عقدها يومي 23 و24 فيفري الجاري، بفعل مطبات وضعتها كل من أحزاب الموالاة وتنسيقية الانتقال الديمقراطي والسلطة في طريق مبادرتها الوليدة، وتتمثل هذه المطبّات في "الشروط المسبقة" التي أطلقتها بعض الأحزاب لقاء قبول المشاركة فيما واجهت السلطة الدعوة بأذن صمّاء بينما تتوجّس تنسيقية الانتقال الديمقراطية حذرا من هذه المبادرة. واصطدمت لقاءات قيادة "الأفافاس" بتحفظات وشروط أقرب إلى الرفض من طرف أحزاب الموالاة وهي جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية والتحالف الجمهوري، وهي أحزاب رحبت بالفكرة قبل أن تنقلب على مواقفها بالقول "لقد أعطينا الموافقة المبدئية فقط ولم نفصل في الأمر"، لكن موقفها هذا جاء - ربما - لعدم تلقيها الضوء الأخضر من السلطة للانخراط في هكذا مبادرات. وعمّق الأمين العام للحركة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، الهوة بين مبادرة الأفافاس والسلطة بعد اشتراطه عدم "إشراك المقصيين من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية" في المبادرة أثناء لقائه بالسكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية محمد نبو، الأحد. ودعا محمد نبو بالمناسبة الأحزاب السياسية إلى تقديم " تنازلات" لإنجاح هذه الندوة، التي تعد "الحل الأمثل" لمواجهة التحديات التي تواجهها الجزائر. لكن إذا كانت أحزاب الموالاة تتمنع عن المشاركة في ندوة "الأفافاس" وتنتظر "مهماز السلطة" للفصل نهائيا في موقفها، فإن تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي رفضت منذ البداية مشاورات "الأفافاس" بعدما رأت فيها "محاولة لتشتيت" صفوف المعارضة، ووصلت إلى حد "تخوين" قيادات حزب الزعيم حسين آيت أحمد واتهامهم بالخروج عن التزامات ندوة مازفران في 10 جوان 2014، التي نظمتها أحزاب المعارضة منفردة دون حضور ممثلين عن السلطة، لكن الواقع يشير إلى أن السلطة عبرت عن رفض "مبطن" لمبادرة "الأفافاس" وأرسلت رسائل عبر أحزابها تشير إلى ذلك. ورغم أن "الأفافاس" أراد التميز عن خصومه الجدد في المعارضة، بكونه يفضل التغيير بإشراك النظام وليس بدونه، إلا أن موافقة حزبين فقط وهما جبهة التغيير وجبهة المستقبل المشاركة في ندوته غير كافية لإعطائه المصداقية والثقل المطلوبين، كما أن عدم حضور السلطة في ندوة الإجماع الوطني، سيجعل هذه الأخيرة بدون معنى. وأمام هذا الواقع "غير المبشّر".. لم يبق أمام "الأفافاس" سوى خيار اللعب على الوقت وتأجيل موعد انعقاد الندوة، وهو ما قاله محمد نبو قبل أيام، حين أورد بأن تاريخ 24 فيفري يعد "مجرد اقتراح"، وأشار إلى أن تحديد تاريخ انعقادها سيتم بالاتفاق مع مختلف الأطراف المشاركة، فهل سينجح في إقناع السلطة بالجلوس إلى طاولة الحوار؟