أغلق مشروع تعديل الدستور الجديد، الباب نهائيا على مسألة العهدات الرئاسية، وحصرها في عهدة واحدة مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وبالتالي فإنه ممنوع على أي رئيس دولة الترشح لعهدة ثالثة مستقبلا مثلما نصت عليه المادة 74 من الدستور المرتقب صدوره قريبا. وأضيف محور ثامن للمادة 178 من الدستور التي تتضمن المحظورات السبع المستثناة من أي تعديل في الدستور وتم فيها منع أي تعديل قد يطال إعادة فتح العهدات الرئاسية في التعديلات الدستورية القادمة. ولم تكن مسألة تحديد العهدات الرئاسية مطروحة في أول دستور للجزائر المستقلة الذي وضع سنة 1963 الذي نصت المادة 39 منه على أن ينتخب رئيس الجمهورية لمدة 5 سنوات عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري بعد تعيينه من طرف الحزب (جبهة التحرير الوطني) وفقا لشروط بسيطة تتمثل في اشتراط بلوغ سن 35 سنة على الأقل والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية. وسار المشرع في دستور 1976 على نفس نهج أول دساتير الجزائر بشأن العهدة الرئاسية التي أبقاها مفتوحة في المادة 108 مع إضافة شروط جديدة وجب توفرها لرئاسة السلطة التنفيذية تتعلق بإضافة التمتع بالحقوق المدنية والسياسية بتوفر الجنسية الجزائرية الأصلية في المترشح لرئاسة الجمهورية والديانة الإسلامية، وبلوغ سن 40 سنة كاملة يوم الانتخاب. ولم يغيّر دستور التعددية في 1989 شيئا إلى قضية العهدات الرئاسية، وأبقى على مدتها 5 سنوات وإمكانية تجديدها أي تركها مفتوحة حسب نص المادة 71 من الدستور. ومع مجيء دستور 28 نوفمبر 1996 الذي تمت صياغته في عز الأزمة التي مرت بها البلاد التي عرفت تجاذبات سياسية كبيرة كنتيجة للتعددية السياسية التي تمخضت عن أحزاب كثيرة، وطفت إلى السطح صراعات بين الإيديولوجيات التي تسير في فلكها هذه الأحزاب، ورافقها وضع أمني متردي، كانت الحاجة ملحة لوضع دستور جديد يعيد رسم الخارطة السياسية ويسد بعض الثغرات التي تضمنها دستور 1989، وخاصة فيما يخص حالة تزامن شغور منصب رئيس الجمهورية مع حل المجلس الشعبي الوطني. وعمد الرئيس السابق اليامين زروال على غلق العهدات الرئاسية في دستور 1996 تحت مبرر "التداول على السلطة" وحصرها في عهدتين رئاسيتين فقط مدة كل واحدة 5 سنوات بموجب المادة 74 من الدستور الذي شدّد في المادة 73 منه في شروط الترشح للرئاسة وأضاف بنودا تتعلق بإثبات مشاركته في ثورة أول نوفمبر 1954 إذا كان مولودا قبل جويلية 1942، وإثبات عدم تورّط الأبوين في أعمال ضدّ ثورة أول نوفمبر 1954 إذا كان مولودا بعد جويلية 1942، وكذا التصريح العلني بالممتلكات العقارية والمنقولة داخل الوطن وخارجه، وهي الشروط التي أثارت زوبعة إعلامية كبيرة واعتبرت "نية مبيتة" لقطع الطريق أمام بعض الوجوه السياسية للترشح لرئاسة الجمهورية. ومع مجيء رئيس الجمهورية الحالي، في 1999 وجّه سهام النقد للدستور ووعد بإجراء تعديلات عليه تتماشى والفترة التي تعيشها البلاد، وتطلب الأمر قرابة عهدتين رئاسيتين لإعلان تعديل دستوري في 2008 وقبيل الانتخابات الرئاسية لسنة 2009، من بين ما تضمنه هذا التعديل فتح العهدات الرئاسية بموجب القانون رقم 08-19 المؤرخ في 15 نوفمبر سنة 2008 المتضمن التعديل الدستوري وتم إدراج بند قابلية تجديد الانتخاب دون تحديد عدد العهدات الرئاسية، وذلك تحت مبرر "ترك المجال لحرية اختيار الشعب". وبإغلاق العهدات الرئاسية في مشروع التعديل الدستوري المقبل، الذي قال خبراء القانون إننا بصدد دستور جديد وليس مجرد تعديل، يكون صاحب دستور 2016 قد حرم خلفه من الجلوس على مقعد الرئاسة لأكثر من 10 سنوات، ولن يمكنه تغيير الأمر إلا باللجوء إلى استفتاء شعبي لتعديل الدستور وتتحقق بذلك مقولة لدى الجزائريين بأن "لكل رئيس دستوره".