"شاركنا الإفطار وسر بأمان".. هو شعار أطلقه رجال الدرك الذين خرجوا عن المألوف في تعاملهم مع السائقين من خلال إجبارهم على الإفطار في خيم أقيمت في عدد من الحواجز الأمنية المنتشرة عبر التراب الوطني في هذا الشهر الفضيل، وبدل سحب رخص السياقة وتحرير الغرامات أصبحوا ينافسون مطاعم الرحمة في إفطار الصائمين المتأخرين عن الوصول إلى بيوتهم والذين غالبا ما يسيرون بسرعة جنونية مما يتسبب في مجازر رهيبة على الطرقات. هو المشهد الذي وقفت عليه "الشروق" وهي ترافق رئيس أركان المجموعة الإقليمية لدرك الجزائر العاصمة المقدم مختار زروال مع مختلف التشكيلات التابعة له، لحظات قليلة قبل أذان المغرب في أكبر حاجز أمني معروف بالصرامة باعتباره المدخل الشرقي الرئيسي للعاصمة، فعندما تسأل عن حاجز الدرك "زميرلي" الحراش، فإنك لا تسمع إلا كلمة يا "لطيف"، نظرا لكونه معروفا بالصرامة الأمنية في تطبيق قانون المرور وسحبه لمئات رخص السياقة يوميا مع تحرير العشرات من الغرامات الجزافية، ومع ذلك فإن شهر رمضان عموما وساعات الإفطار خصوصا أضفت على أصحاب البدلة الخضراء أبعادا إنسانية نبيلة تجسدت في خدمة الصائمين، حيث أنه وفي لحظات الإفطار يجالس الدركي المسافر على مائدة الإفطار، ويزول الحاجز النفسي بينهما ويقضي الطرفان لحظات بعيدة عن اعتبارات تطبيق القانون الصارم وعلامات الفرح والنشوة بادية على وجوههم. وفي عين المكان تم نصب خيمة، تحت إشراف الهلال الأحمر الجزائري وبلدية الكاليتوس وإحدى الجمعيات، يتم من خلالها تقديم وجبات جاهزة تحتوي على "شربة ساخنة" ولحم طري وحليب وتمر مع فاكهة لعدد كبير من أصحاب المركبات على اختلاف أوزانها من المسافرين الذين استحسنوا هذه المبادرة التي أطلقها رجال الدرك بالتنسيق مع الجهات المذكورة في إطار ترسيخ روح المبادرة خلال الشهر الفضيل، إذ علمنا في عين المكان أنه يتم توزيع 400 وجبة يوميا وأكثر المتوافدين على تلك الخيمة هم المسافرون القادمون من مطار هواري بومدين.
القضاء على القصدير والشاليهات قلص الجرائم والشجارات الساعة كانت تشير إلى الخامسة مساء قبل الإفطار، عندما بدأت جولتنا رفقة رئيس أركان المجموعة الإقليمية لدرك الجزائر العاصمة المقدم مختار زروال، وكانت النقطة الأولى التي وقفنا عليها هي الحاجز الأمني المعروف ب"سد سواشيد" الذي يربط بين بلديات الحميز، الروييبة، برج الكيفان، وفي عين المكان أكد لنا الرائد كريم مضوي قائد الكتيبة الإقليمية للدار البيضاء أن الجريمة تراجعت خلال هذا الشهر الكريم والسبب الرئيسي هو القضاء على البيوت القصديرية والبناءات الفوضوية و"الشاليهات"، وترحيل سكانها إلى أحياء جديدة، مما ساهم في تراجع الجريمة على غرار ترويج وتعاطي المخدرات، الاعتداءات على المواطنين، السرقات والشجارات داخل الأحياء. اللافت للانتباه في جولتنا هذه، هو أنه وقبل دقائق معدودة فقط من آذان المغرب، لاحظنا العشرات من العائلات تتجه نحو شاطئ "قدوس" و"ديكا" بعين طاية محملين بقفف مملوءة ب"مؤونة" الإفطار للاستمتاع بمفارقة الصيام على وقع أمواج البحر المترامية على رمال الشاطئ اللازوردي الأخاذة.
مئات العائلات تحج إلى العاصمة بعد الإفطار وجهتنا الثانية مباشرة بعد الانتهاء من تناول وجبة الإفطار رفقة رجال الدرك، كانت الحاجز الأمني للرغاية الواقع على الطريق الوطني رقم 61، وهناك لاحظنا توافد المئات من السيارات المرقمة من خارج الجزائر وهي تحج إلى العاصمة لقضاء ساعات من المتعة رفقة الأقارب والأصدقاء، وفي هذا السياق كشف لنا الرائد خالد شاعة قائد سرية أمن الطرقات للرغاية عن مخطط أمني خاص بهذا الشهر الفضيل، أمام توافد المئات من العائلات من كل الولايات نحو الجزائر العاصمة، وعلى هذا الأساس أعطيت تعليمات صارمة بضرورة التحلي بالحذر واليقظة والتفتيش الدقيق لكل السيارات والأشخاص المشبوهين وهذا لضمان أمن المواطنين، وضمان مراقبة فعالة للإقليم.
من دخل العاصمة فهو آمن أكد المقدم مختار زروال رئيس أركان المجموعة الإقليمية لدرك الجزائر العاصمة ليلة أول أمس أن قيادة الدرك اتخذت كل الإجراءات اللازمة لضمان رمضان آمن وعلى مستوى الجزائر باعتبارها عاصمة البلاد وتحسبا لأي محاولات لزعزعة استقرار وأمن المواطنين أو العمليات الاستعراضية التي يمكن أن يقوم بها الإرهابيون، خاصة بعد العمليات الناجحة التي قامت بها وحدات الجيش في مجال مكافحة الإرهاب، فقد سطرت المجموعة الإقليمية مخططا أمنيا تم خلالها إقحام جميع التشكيلات وكذا تكثيف عمليات مراقبة وتعريف الأشخاص والمركبات على مستوى الحواجز باستعمال كافة الوسائل. وبلغة الأرقام أكد المقدم مختار زروال أن مصالح الدرك على مستوى إقليم ولاية الجزائر العاصمة سحبت 2270 رخصة سياقة وسجلت 504 جنحة و113 مخالفة مرور خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان. ومن جهته، كشف العقيد عبد الحميد كرود عن اجتماعات تنسيقية تمت بين قيادة الدرك الوطني والمديرية العامة للجمارك بخصوص إنجاز تحقيقات وتفتيشات وحواجز مشتركة وهي الاتفاقية التي تدخل في إطار تطبيق مخطط "ألفا"، كما وقعت اتفاقيات بين قيادة الدرك والمديرية العامة للسكك الحديدية لحماية وأمن المسافرين والحركة التجارية عبر كل السكك الحديدية يضيف المتحدث ذاته.