دق فلاحو ولاية الوادي خاصة الذين يعتمدون على زراعة النخيل ناقوس الخطر مع بداية حملة جني التمور، بسبب رداءة محصول السنة الحالية، من حيث الكم ومن حيث النوعية بشكل خاص، جراء تفشي مرض البوفروة في أغلب نخيل الولاية، والتي تعد المنتج الأول للتمور على المستوى الوطني. ورغم أن الإحصائيات الرسمية تؤكد أن الولاية بها أزيد من 3.7 ملايين نخلة منها 3.3 مثمرة، إلى أن متوسط إنتاجها الذي كان لا ينزل على المليوني قنطار سنويا، من المتوقع أن يتراجع بحوالي 50 بالمائة مع نهاية حملة جني التمور، والتي ستنتهي منتصف شهر ديسمبر القادم، وعبر عديد الفلاحين المهتمين بالنخيل في منطقة واديي سوف وريغ عن قلقهم من النوعية الرديئة التي ستميز محصول تمور هذه السنة، بسبب ضعف حملات مكافحة بوفرة التي أطلقتها مصالح الفلاحة هذه السنة، وتأخرها عن موعدها المعتاد، وهو ما سيؤثر بقوة على أسعار تمور المنطقة الأسواق، خاصة وأن منتجات نخيل الوادي معروفة بجودتها والقيمة الغذائية العالية والتي احتلت بها مراتب جد متقدمة. ويرى عديد المهتمين بالشأن الفلاحي في الولاية، أن زراعة النخيل والتي تعتبر تقليدا لكل سكان المنطقة، تجابه عدة مشاكل وعراقيل، ضاعفت من نسب تناقصه سنة بعد سنة، وهو ما ينذر بكارثة إيكولوجية خطيرة، خاصة في بلديات منطقة وادي سوف، وتعدد الجمعيات المهتمة بالنخيل عدة عوامل ساهمت في تناقص الاهتمام بالنمط المذكور من الزراعة، أبرزها أن أشجار النخيل تعطي محصولا واحد طيلة السنة، عكس عديد الزراعات خاصة البطاطا التي تزرع مرتين في السنة، وهو ما ضاعف توجه سكان المنطقة، خاصة وأن الفلاحين الذين تخصصوا في هذا النوع من الزراعات تمكنوا من تحصيل أرباح مالية مقبولة منها. كما أن تمور البعلي المعروفة والمزروعة في الغيطان المتمركزة في منطقة وادي سوف، والتي تعرف بجودتها وقيمتها الغذائية العالية، وقدرتها على تحمل التلف لمدة طويلة من الزمن عكس نظيرتها المسقية بالمياه، هلك جزء كبير منها، ولم تعد موجود تقريبا إلا في مناطق دائرة ميه ونسة ودائرة الرباح، ويرجع ذلك بحسب المختصين إلى تزايد الأخطار المحدقة بها، فبعد أن كانت تعاني من مشكل صعود المياه الجوفية في سنوات سابقة، بات المشكل يطرح بالعكس حاليا كونها تعاني من ما يعرف ب "غور المياه"، وهو يعني هروب المياه الجوفية عن نخل البعلي بعد أن استهلكت الزراعات الجديدة كميات هائلة من المياه الجوفية، مما أثرت بالسلب وأدى موت الآلاف منها في مشهد يعصر القلوب، خاصة في الغيطان التي صنفت إرثا ثقافيا وتاريخيا للمنطقة، ناهيك على دورها الفلاحي. ولا تتوقف مشاكل زراعة النخيل عند هذا الحد فقط، بل تمتد لمشكل التسويق الذي يطرح في كل سنة والأسعار المنخفضة، والتي لا تثمن المجهود والعمل المضني طيلة سنة كاملة، هذا مع صعوبة العمل مقارنة بأنواع أخرى، وقلة اليد العاملة وشحها في هذا القطاع بصفة خاصة وأن يتطلب مهارات خاصة كتسلق النخيل مثلا، كما أن قدم الآبار الارتوازية التي تضخ كميات قليلة من المياه باتت لا تعكس تطلعات فلاحي منطقة وادي ريغ. وعبر صاحب أزيد من 100 نخلة، والتي أصبحت أطلالا بعد أن كانت جنة خضراء أن المشكل في التزويد بالكهرباء الريفية، وبُعد المسافة بين أعمدة الكهرباء عن بساتينهم ضاعف من مشاكله، خاصة وأنها كبدته مصاريف كبيرة، وجد نفسه مضطرا للتخلي عن نخيل أجداده، وقال إن التكاليف لا تغطي ولو جزءا منه، فكابل الكهرباء مثلا يصل طوله إلى كيلومترين ونصف. من جهة أخرى، كشف مصدر من مديرية المصالح الفلاحية، أن السبب الحقيقي راجع إلى وعي الفلاحين والمواطنين بالقيمة الحقيقية للنخلة، وهروب العديد منهم لأنواع زراعية أخرى، مما أحدث إهمالا لهذا النوع الزراعي وإنتاج التمور بالولاية، والتي تتطلع إلى الوصول إلى مستويات قياسية تفوق مليونين ونصف قنطار سنويا والرجوع بزراعة التمور إلى عصرها الذهبي، عندما أجبرت المستعمر على ربط منطقة وادي سوف بشبكة السكة الحديدية.