اعتبر سكان بلدية القادرية الواقعة شمال البويرة إستمرار تواجد المفرغة العمومية الفوضوية وغياب أفق لتجسيد مركز ردم تقني حديث بمثابة الكارثة البيئية والصحية التي باتت تهدّدهم في كل لحظة، حيث تنتشر عبرها الروائح الكريهة والدخان الكثيف جراء الرمي الفوضوي وحرق النفايات فضلا عن تواجدها مباشرة بالقرب من ضفاف واد يسر الذي تنتشر عبره المساحات المزروعة. يحدث هذا حسبهم وسط صمت السلطات والمصالح المعنية التي حمّل بعضها رئيس البلدية الحالي مسؤولية رفض تجسيد مشروع مركز ردم تقني بالأماكن المقترحة. عند زيارتنا لموقع المفرغة العمومية المتواجد بالمخرج الغربي لمدينة القادرية باتجاه قرية أولاد لعلام، وغير البعيد عن القاعة متعددة الخدمات للمدينة سوى بمائة متر فقط، استقبلتنا الروائح الكريهة المنبعثة من المكان والدخان الكثيف المنتشر جراء اشتعال المفرغة وحرق النفايات بها طوال ساعات اليوم، حيث استحال علينا البقاء بالمكان لفترة طويلة لصعوبة التنفس بطريقة سليمة، وهو ما شدنا إلى التفكير بالسكان المجاورين وخاصة مرضى ومرتادي قاعة متعددة الخدمات الذين يستنشقون تلك الروائح والدخان باستمرار، بما يهدّد صحتهم العمومية وينذر بظهور أوبئة وأمراض فتاكة بينهم على غرار الربو والسرطان، كما زاد من اندهاشنا تواجد المفرغة مباشرة على ضفاف وادي اليسر المعروف، حيث تتواجد بالقرب منه وعلى طول امتداده عديد المساحات المزروعة والمسقية من مياه الوادي الملوثة بمخلفات النفايات المرمية بطريقة فوضوية، ما يزيد بدوره من احتمال انتشار أوبئة أخرى جراء استهلاك تلك المزروعات الملوثة، ناهيك عن خطر انتشار الحشرات السامة والحيوانات المفترسة التي تهدد الإنسان وصحته مباشرة.
... السكان سئموا من تذكير السلطات بمعاناتهم ويهدّدون بغلقها نهائيا صادف وجودنا بموقع المفرغة العمومية تواجد بعض السكان المجاورين لها والذين عبروا لنا عن استيائهم وتذمرهم من تقاعس الجهات المعنية في معالجة المشكل الذي اعتبروه مأساة حقيقية لا يمكن حلها سوى بالغلق النهائي لها وكذا هاجسا بات يؤرقهم باعتبارهم الأكثر تضررا من الدخان المتصاعد يوميا والروائح الكريهة، حيث أخبرنا عمي "رابح" صاحب 65 سنة بأنه يعاني من مرض الربو منذ مدة وهو نفس المرض الذي يهدّد أبناءه وأحفاده الذين يعانون من الحساسية، فضلا عن خشيتهم من احتمال ظهور أمراض فتاكة جراء حرق بعض المواد الكيمياوية والمخلفات الصحية التي ترمى بالمكان دون مراعاة لأخطارها على صحة البشر وكذا البيئة، ليضيف "سمير" بأنهم طالما ذكروا السلطات بمعاناتهم وطالبوها بضرورة إيجاد حل نهائي للمفرغة العمومية دون أن تنجح تلك السلطات في الوصول إلى مبتغاهم الذي أضافوا بأنهم لن يصبروا عليه طويلا وهم يفكرون في غلقها بطرق احتجاجية، مضطرين - كما قالوا- لما تسارع تلك الجهات في تجسيد مشروع لمركز للردم التقني تراعى فيه شروط السلامة الصحية للإنسان والبيئة على حد سواء.
.. مصالح الغابات والفلاحة متهمة بإفشال مشروع مركز الردم التقني "الشروق" تحدثت إلى رئيس البلدية الحالي مستفسرة إياه عن دور مصالحه في تسيير المفرغة العمومية ومدى أخذها بعين الاعتبار لمعاناة السكان من مخلفاتها، حيث نفى محدثنا كل التهم التي طالت مصالحه وتقاعسها، معترفا في نفس الوقت بأن تلك المفرغة التي وصفها بالمتوحشة تعتبر نقطة سوداء لم نجد لها حلا كما قال رغم تقديمنا لثلاثة اقتراحات من أجل إنجاز مركز للردم التقني للنفايات وفق مخطط تهيئة الولاية لعام 2013، هذا المخطط الذي قال عنه بأنه يعطي الأولوية لدائرة الأخضرية بتجسيده باعتبار عدد السكان الذي تجاوز 70 ألف نسمة، غير أن مشكل توفر عقار مناسب من حيث الموقع والمساحة وبالمواصفات المطلوبة تقنيا حال دون تجسيد المشروع، محملا مسؤولية ذلك إلى مصالح الغابات ومصالح الفلاحة التي رفضت 3 مواقع مقترحة خلال سنتي 2013 و2014، مضيفا بأنه تم التفكير بعدها في إبرام تعاقد مع مركز الردم التقني بعين بسام من جهة وكذا مؤسسة نظيف البويرة من جهة أخرى، غير أن شروطهما وكلفة العملية أفشلت الفكرة باعتبارها تتجاوز قدرات البلدية المالية التي حددتها دراسة مخطط تسيير النفايات المعدة والمصادق عليها من طرف المجلس البلدي العام الماضي. أما عن انشغالات المواطنين وشكاوى السكان المجاورين في هذا الموضوع فقد كشف "المير" الحالي بأن مصالحه لم تستقبل شكاوى بوثائق مكتوبة وإنما مجرد انشغالات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واصفا إياها بأنها ظرفية تتزامن مع قيام مراهقين بإشعال النار ليلا داخل المفرغة بغرض استرجاع بعض الأسلاك النحاسية أو رصاص البطاريات لإعادة بيعه لتجار الخردة، معترفا في نفس الوقت بوعي مصالحه للخطر ومدى حجم الكارثة بيئيا وصحيا، واصفا إياها بالمفرغة الوحشية وأكبر نقطة سوداء بالبلدية، مبرزا أنه لحسن الحظ لم يعد يعتمد على الآبار القديمة في الشرب والمتواجدة أغلبها على ضفاف واد يسر، حيث أن الشبكة الجديدة ترتبط كلها بسد كدية أسردون، لينهي حديثه إلينا متشائما بغياب أي أفق لوضع حدّ نهائي للمشكل إذا ما لم تتحسن مداخيل البلدية من جهة وتتراجع المصالح الأخرى عن معارضتها للمواقع المقترحة.