للمرة الأولى في فرنسا، ستدور مناظرة تلفزيونية، مساء الاثنين، بين المرشحين الخمسة الرئيسيين للانتخابات الرئاسية في محاولة لإقناع الناخبين المترددين الذين لا يزال عددهم كبيراً. وقد يستقطب المرشحان الحاليان الأوفر حظاً في استطلاعات الرأي على أصوات ناخبي خصومهما وهما: وزير الاقتصاد السابق في الحكومة الاشتراكية إيمانويل ماكرون الذي يؤكد أنه "لا ينتمي إلى اليسار ولا اليمين" ورئيسة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) مارين لوبان. وبين المشاركين في المناظرة المحافظ فرنسوا فيون الذي أثار مفاجأة لفوزه في الانتخابات التمهيدية لليمين ويواجه عدة تحقيقات قضائية ومرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلانشون وخصمه اليساري الاشتراكي بونوا آمون. ولن يشارك في المناظرة المرشحون الستة الآخرون الذين لم يحصلوا سوى على عدد ضئيل من نوايا الأصوات، لأن قناة "تي إف 1" ترغب في نقاش حام ل"قراءة" أفضل. وسيسعى المشاركون إن بأسلوب الدفاع أو الهجوم، إلى تسجيل نقاط حول ثلاثة مواضيع - "أي نموذج اجتماعي؟"، "أي نموذج اقتصادي؟"، "أي مكانة لفرنسا في العالم؟" - بعد أن يكشف كل واحد بدوره "الرئيس الذي يريد أن يجسده" خلال دقيقة ونصف. وقبل شهر من الاقتراع بدورتين (23 أفريل-7 ماي) يكمن الرهان في إقناع الناخبين المترددين بسبب حملة طغت عليها تحقيقات قضائية ساهمت في تشتت صفوف اليسار وتغيير أنماط تقليدية: يمكن لحوالي 40 في المائة منهم "تبديل آرائهم" ومن المؤكد أن ثلثي الناخبين فقط سيصوتون في الدورة الأولى من الاقتراع. وكتب باسكال بيرينو الأستاذ في جامعة سيانس بو العريقة في صحيفة "لوموند"، أن "حملة 2017 مليئة بالمفاجآت على وتيرة 'القضايا' الفعلية أو المفترضة وهي عاجزة حالياً عن إظهار رهان قوي، تتجسد الخيارات حوله". والنتيجة هي أن حوالي ثمانية فرنسيين من 10 (78 في المائة) يرون أن النقاش السياسي "يصبح ضعيفاً"، وفقاً لتحقيق لمركز الأبحاث التابع لهذه الجامعة أجري منتصف مارس. "هجمات" في معسكر اليساروالمرشحون الثلاثة الرئيسيون متورطون أو هم طرف في ملفات قضائية، بدءاً بالمرشح الأوفر حظاً فرنسوا فيون الذي تراجعت شعبيته بعد كشف معلومات عن وظائف وهمية أسندت لأفراد أسرته. وفي منتصف مارس وجهت تهمة "اختلاس أموال عامة" إلى رئيس الوزراء في عهد نيكولا ساركوزي الذي أطلق حملته تحت شعار "الأولوية للنزاهة". إضافة إلى فيون، تطال مارين لوبان أيضاً قضايا وظائف وهمية وتمويل غير شرعي للحملة الانتخابية، في حين فتح تحقيق أولي حول شبهات محاباة في زيارة وزارية نظمت في جانفي 2016 لإيمانويل ماكرون عندما كان وزيراً للاقتصاد. وأظهرت استطلاعات الرأي اليوم تعادلاً بين إيمانويل ماكرون ومارين لوبان. لكن حوالي نصف ناخبي ماكرون لا يزالون مترددين في تصويتهم. والمرشح الذي يؤكد أنه وسطي سيسعى، الاثنين، لإثبات أن "برنامج خصومه من القرن الماضي في حين أن برنامجه هو برنامج اليوم"، حسب ما قال مقرب منه لصحيفة "لوجورنال دو ديمانش". وإلى اليسار يراهن بونوا آمون وجان لوك ميلانشون على المناظرة التلفزيونية لإعطاء دفع لحملتيهما بعد تنظيم أكبر تجمعات لهما خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقال ميلانشون، أن 130 ألف شخص شاركوا، السبت، في باريس في تظاهرة انتهت عند ساحة الجمهورية، حيث وجه خطاباً نارياً مناهضاً لأوروبا وللجبهة الوطنية، مشيداً ب"انتفاضة الشعب ضد الملكية الرئاسية". وفي تجمعه الذي ضم، الأحد، 20 ألف شخص في باريس، ألقى آمون خطاباً قوياً إلى اليسار. واستخدم لهجة هجومية ضد خصومه وأيضاً ضد أولئك الذين يريدون داخل معسكره "تجاهل التصويت الشعبي" للانتخابات التمهيدية اليسارية، في ملاحظة لاذعة لرئيس الوزراء السابق إيمانويل فالس الذي رفض دعمه.