لن تكون مهمة الولاة الجدد الذين عينوا الخميس الماضي سهلة لاعتبارات عديدة، أهمها سياسة شد الحزام وتجميد الكثير من المخططات التنموية القطاعية والبلدية التي مازالت الحكومة تنتهجها، ولكن رغم ذلك فإن الاختلاف قائم من ولاية لأخرى، فولاية إيليزي، لم يكن موضوع تجميد المشاريع لوحده المشكلة التي تنتظر الوالي الجديد بولحية عيسى القادم من الأمانة العامة لولاية المدية، والمقرر أن يتسلم مهامه مع بداية الأسبوع، بل هناك معطيات تجعل الولاية ذات خصوصية في التسيير. لعل أهم الصعوبات التي سوف يعاني منه الوالي الجديد الفشل الكبير في تسيير العدد الأكبر من بلديات الولاية، والأصعب في كل ذلك، أن العجز في التسيير واستشراء الفساد الذي تسبب في تراكم الديون على تلك البلديات، هو ما يجعل تطهير هذا الوضع مهمة صعبة لأسباب موضوعية، كون البلديات التي أصيبت بالشلل التام، وعجزها حتى عن دفع أجور عمالها، غرقت في ديون ضخمة، ربما لا تكفي عهدة كاملة للمجالس المنتخبة من تسويتها، فبلديتا إيليزي وبرج عمر إدريس اللتين تصنفان من أغنى بلديات الوطن، تعانيان من مشكل ديون خانقة أجبرت السلطات العمومية حتى على غلق حساباتها المالية، جراء ظاهرة الديون غير المبررة وانتشار الحديث في نطاق واسع حول المشاريع الوهمية المفوترة، وغياب الخدمات العمومية التي تعتبر من مهام البلديات، فبلدية إيليزي، أصبحت بحق مدينة ملوثة جراء العجز في التسيير، بينما تغرق بلديات أخرى في عجز تسيير مماثل، لا أحد يدري كيف للوافد الجديد على رأس الولاية الانطلاق بها نحو برّ الأمان. بينما تبقى التنمية الحقيقية وفق ما هو متعارف عليه، متوقفة بحكم إجراءات التجميد التي مست 80 من المائة من مشاريع مختلف المخططات التنموية بالولاية، حيث مسّت هذه الوضعية مشاريع شعبية مهمة بينها مستشفيات جديدة، وتجهيزات عمومية مختلفة، كالطرقات والمشاريع المتخصصة في الموارد المائية، السكن، التربية وغيرها، وكلها مشاريع سخلق التأخر في إعادة إطلاقها مشكلا حقيقيا، بسبب العجز الذي تعانيه المرافق الصحية وقدمها، وعجز في المرافق التربوية، والسكنية، وتلك المتعلقة بمصادر المياه، وعديد المشاريع ذات العلاقة المباشرة بخدمة المواطن.
التشغيل والسكن.. من الملفات الساخنة بعيدا عن تسيير الملفات الخاصة بالبلديات وتجميد المشاريع، فإن الوالي الجديد، الذي يفترض أن تكون لديه الخبرة الكافية في التسيير، على اعتبار أنه يدير الأمانة العامة لإحدى الولايات الكبرى عبر الوطن تضم 64 بلدية، منتظر لإعطاء الحلول التي تعتبر صعبة في كل مرة، وبشكل خاص تلك المتعلقة بملف التشغيل، الذي يعد أكبر ملف مثير للاحتجاجات بالولاية، على مدار السنوات الماضية، رغم أن ولاية إيليزي، هي منطقة بترولية تمتاز بتواجد مئات الشركات العملاقة المتخصصة في الحقل النفطي والصناعي، إذ ورغم ذلك تبقى حالة الارتباك قائمة بين الشباب البطال والمسؤولين على ملف التشغيل بالولاية، بسبب عدم الرضى وسط البطالين من نوعية تسيير هذا الملف والتهم بالمحسوبية والمحاباة في التوظيف أحيان كثيرة. فيما تبقى التحديات الأخرى للوالي الجديد، هي تحريك ملف السكن وتطهير العقار، فولاية إيليزي تعرف عجزا كبيرا في عدد السكنات الاجتماعية الموزعة، وليس هذا فحسب، بل حتى البرامج الجاري إنجازها تسير بخطى السلحفاة، بسبب تحايل المقاولين الذين يعملون على إتمام الأشغال الكبرى للسكنات وتركها إطلالا، فمئات السكنات تنتظر أن تستكمل الأشغال بها، بينما الأمر الأكثر تعقيدا بنظر المتابعين لملف السكن في ولاية إيليزي، هو كيفية تطهير السكنات المقتحمة من طرف المواطنين، والعقار المنهوب من طرف مئات الأشخاص في مقدمتهم عدد من المنتخبين الذين اعتبروا عهدتهم وسيلة للثراء، على حساب المال العام.