جاءت قضية حذف البسملة من الكتب المدرسية، لتضاف إلى جدل الهوية الذي صاحب وصول الوزير نورية بن غبريط إلى منصب وزيرة التربية عام 2014 وهو مستمر إلى اليوم، حيث تتهم هذه المسؤولة بخوض حرب على ثوابت الجزائريين رغم تأكيدها في كل مرة على أنها تريد مدرسة عصرية بعيدا عن الإيديولوجيا. دُشن الدخول المدرسي لهذا العام على غرار السنوات الماضية على وقع جدل متجدد محوره "الهوية"، بعد تسريب معلومات عن تعليمات شفوية وجهتها الوزيرة إلى معدي الكتاب المدرسي قبل أسابيع، بحذف البسملة من كافة المؤلفات باستثناء كتب التربية الإسلامية. وردت الوزيرة على هذه التسريبات "بنصف اعتراف"، عندما أكدت أن البسملة غير إجبارية في الكتب المدرسية عدا كتب التربية الإسلامية، لكنها حملت مسؤولية القرار لمُعدي هذه المؤلفات، أي أنها لم تأمر بذلك. وكانت جمعية العلماء المسلمين أول جهة أكدت خلو الكتب المدرسية الجديدة من "البسملة"، بعد عملية تمحيص قام بها خبراء كلفتهم بالتحري حول المسألة. وثارت ثائرة المنظمة تجاه القرار الذي وصفته ب"الاعتداء على عقول الأطفال وهوية الشعب الجزائري"، كما اعتبرت ذلك "طعنة في الظهر" وجهتها لها بن غبريط، كون الطرفين ابرما سابقا ما يشبه "عقدا معنويا" خلال اجتماع بمقر الوزارة، يقضي بانتهاج الوزيرة للشفافية في برنامجها الإصلاحي. وتعد قضية "حذف البسملة"، حلقة جديدة في سلسلة من الملفات الجدلية التي صاحبت قيادة بن غبريط للقطاع منذ عام 2014 خلفا لعبد اللطيف بابا أحمد. ومنذ عقد ما سمي ندوة الإصلاح التربوي صيف 2015 والتي خصصت كما قيل لتقييم 12 سنة من "الإصلاحات"، بدأت تظهر إلى السطح خارطة طريق وضعتها الوزيرة بن غبريط سميت "الجيل الثاني،" من أجل "تحقيق تحول بيداغوجي نوعي" حسبها . لكن سياسة الوزيرة قوبلت بانتقادات حادة من قبل عدة أوساط، كونها حسبهم جرعة أخرى لاستهداف الثوابت وعناصر الهوية الوطنية، لم يسلم منها حتى إطارات في الوزارة أعلنوا تمسكهم بالخط الأصلي للمدرسة، فضلا عن انتهاج سياسة الغموض والسرية في تطبيق ما سمي إصلاحات. وظهرت خلال هذه المرحلة تسريبات عما قيل أنها توصيات لندوة الإصلاح، وأخرى عبارة عن تعليمات شفوية مصدرها الوزيرة، يقول معارضوها أنها دليل على وجود مخطط غير معلن لضرب عناصر الهوية يطبق على مراحل. ومن الملفات التي أثيرت، تسريب مقترحات إلغاء امتحان شهادة التعليم الابتدائي وتدريس العامية في الطور الابتدائي وإلغاء العلوم الإسلامية والعربية والتاريخ والجغرافيا من امتحانات البكالوريا، إلى جانب الكشف عن مشاركة خبراء فرنسيين في إعداد كتب الجيل الثاني. ومطلع عام 2016 ظهرت تسريبات حول قرار وزاري بإجبارية إتقان اللغة الفرنسية في مسابقات توظيف الأساتذة، قبل أن تظهر أزمة الأساتذة المتعاقدين بعد أن رفضت الوزيرة إدماجهم، فضلا عن الكشف عن ضغوط من أجل إلغاء الآيات والأحاديث من الكتب المدرسية. وعاشت بن غبريط العام الماضي أسوء مرحلة خلال فترة قيادتها للوزارة، بعد تسريب امتحان شهادة البكالوريا على نطاق واسع واجهته بقرار تنظيم امتحان جزئي في بعض المواد، لتتكرر القضية هذا العام بعد أن أجبرت على إنصاف المتأخرين بتنظيم جولة ثانية لهم لكن أغلبهم رفض المشاركة فيها. وواجهت هذه الوزيرة طيلة ثلاث سنوات عدة عواصف لكنها تمكنت من الصمود في منصبها، رغم رحيل أغلب الوزراء الذين عاصروا حقبتها ومعهم رئيسان للحكومة هما عبد المالك سلال وعبد المجيد تبون لتصنف حتى من قبل تقارير دولية ضمن قائمة أقوى المسؤولات العربيات وليس في الجزائر فقط.