يعدد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، علي المري، ما يسميه انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان ضد المواطنين القطريين من قبل "دول الحصار" الثلاث: السعودية والإمارات والبحرين. ويتحدث القانوني القطري، في هذا الحوار مع "الشروق" الذي التقته على هامش مشاركته في الجمعية العامة الرابعة عشرة بشبكات حقوق الإنسان في الجزائر، عن الأثر الذي خلفه الحصار المفروض على قطر منذ جوان الماضي. ويقف بشكل من التفصيل على اللغط الذي صاحب أداء القطريين مناسك الحج والعمرة، مؤكدا أن السعودية قد استخدمت ورقة الحج كأداة سياسية، إلى درجة منعها حق ممارسة الشعائر الدينية للموطن القطري.
أربعة أشهر منذ بداية الأزمة، ما الأثر الذي خلفه الحصار أو المقاطعة، على قطر؟ عندما نتحدث عن الأزمة الخليجية، الدول تتحدث عن مقاطعة وليس حصارا، وإن كان قطع العلاقات هو حق سيادي لكل دولة، لكن الواقع ما تلى قطع العلاقات الدبلوماسية. فالعديد من القرارات اتخذت، وهي بمثابة عقوبات جماعية، عندما يكون هنالك منفذ بري وحيد منه تدخل 80 بالمئة من الأدوية والأغذية ويغلق، ألا يعد هذا حصارا على مواطني قطر وتجويعا لهم؟ لولا تدارك الحكومة بإيجاد بدائل وحلول أخرى لأصبحنا أمام حالة لتجويع المواطنين، عندما نتحدث هل هي قرارات دبلوماسية سيادية أم عقوبات جماعية أم حصار غير قانوني؟ نحن نتحدث وخبراء حقوق الإنسان واللجنة الاستشارية في مجلس حقوق الإنسان بأن الإجراءات أحادية الجانب هي حصار غير قانوني، وبالعودة إلى القرارات التي تلت الحصار، فقد أصدروا قرارا بإبعاد المواطنين القطريين من أراضي هذه الدول، وطالبوا مواطنيهم بمغادرة التراب القطري في 14يوما. يوجد من الدول الثلاث المحاصرة لقطر 13 ألف مواطن يشتغل عندنا في القطاعين العام والخاص وهنالك من له استثمارات، ومنهم طلبة جامعيون، ولما يُطلب منهم العودة، ويتبعه قرار آخر أن الذي يرفض العودة تُسلط عليه عقوبة من 5 إلى 15 سنة سجنا، ألا تعتبر هذه عقوبات جماعية واستخدام للمواطن في أزمة سياسية؟ طلبنا في أول يوم من الأزمة ألا يستخدم المواطن في الأزمة، نحن لما نتحدث عن عقوبات جماعية، هنالك كذلك منظمات دولية والأممالمتحدة زارت الإمارة، وأصدرت قرارات تدين هذه الإجراءات وتطالب بعدم الزج بالعائلات في الأزمة السياسية، هنالك طلبة طردوا من الجامعات السعودية والإماراتية كانوا عل مشارف التخرج، تصور أن بعض الطلبة القطريين في الجامعات الإماراتية رفضت إدارة الجامعة منحهم شهادة دراسية لتمكينهم من التسجيل في جامعات أخرى، ما حصل أفرز أثرا كبيرا على الحكومة وعلى المواطن، لكن للحكومة آليات ولها الحلول للتعامل مع الأزمة لكن المواطن ماذا سيفعل؟
حسب التشخيص الذي قدمته، هل نحن أمام انتهاك صريح للمواثيق الدولية، ومن ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان؟ لما ننظر إلى هذه الانتهاكات، نجدها تخالف وتنتهك كل المواثيق الدولية التي تفضلت بذكرها آنفا، صدور مثل هذه القرارات هو انتهاك لحرية الفرد في التنقل والإقامة، حيث تجبر أناسا على مغادرة دولة ما، وانتهاك الحق في العمل، لتبسيط الأمر أنت الآن في قطر راتبك بين 10 آلاف إلى 30 ألف دولار والحكومة الجزائرية تطلب منك غصبا الرجوع، هل الحكومة الجزائرية ستوفر لك الامتيازات التي كنت تحوزها، ما دخل المواطن السعودي أو الجزائري في خلاف بين البلدين؟ لقد رصدنا أكثر من 3900 شكوى.
بم تتعلق هذه الشكاوى؟ هنالك مواطنون سعوديون أبلغونا بأن أجورهم 25 ألف ريال قطري، ويمتلكون منازل، والسلطات السعودية تطالبهم بالعودة الفورية، والأخ السعودي يقول في شكواه طبعا سأرجع لكن سأكون من دون عمل أو بيت، أم سأبقى في قطر وسأكون حينها مهددا بالسجن من 5 إلى 15 سنة، وعدم تجديد جواز السفر، هذا انتهاك للحق في الإقامة والتنقل والعمل ولم شمل الأسرة والتعليم والصحة، هنالك من طرد من المستشفيات، وانتهاك للحق في ممارسة الشعائر الدينية، لقد ضربوا كل الحقوق وكل الاتفاقيات الدولية.
وقعتم اتفاقية مع مكتب محاماة سويسري، للنظر في مسألة تعويض المتضررين من القرارات المتخذة، أين وصل الملف، وماذا بعد هذا التحرك؟ هنالك العديد من الآليات التي انتهجتها اللجنة لرفع الضرر عن أصحاب الشكاوى، قبل أسبوعين كان هنالك قرار بمنع الطلبة القطريين من دخول مصر لإكمال دراستهم الجامعية، وكانوا في حدود 190 في أول يوم، وتواصلنا مع المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان ممثلا في رئيسه الأستاذ محمد فائق وتدخل لدى السلطات المصرية ووجدوا حلا لهؤلاء الطلبة، هذا ما نريده من السلطات في المملكة العربية السعودية والإمارات، نحن نسأل لماذا لم يتخذوا نفس الإجراء الذي اتخذته السلطات المصرية في هذا الجانب، بالنسبة إلينا خاطبنا الجهات الحقوقية في دول الحصار كالبحرين والسعودية والإمارات ولم يكن هنالك تعاون فلجأنا إلى المنظمات الدولية، كالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمقررين الخواص وهنالك مقرر خاص بالإجراءات التعسفية أحادية الجانب وهو إدريس الجزائري، وللأسف هو لم يتخذ الإجراءات وفق مهامه، كان من المفترض وهو مقرر خاص للإجراءات الأحادية التعسفية أن يتدخل، فقد طلبنا منه التدخل لأن القرارات أثرت على حقوق الإنسان ولم يحرك ساكنا، قال إنه سيزور قطر السنة المقبلة، رغم أن المقررين الخواص لديهم آليات تسمى الإجراء الاستعجالي، على الأقل كان عليه إصدار بيان، لكنه لم يتخذ أي خطوة، ونحن إزاء هذا الوضع نتساءل هل هنالك صراع مصالح منعه من التحرك. بصفتي رئيسا للجنة القطرية لحقوق الإنسان، قابلت شخصيا السيد إدريس الجزائري بدأ الحصار يوم 5 جوان الماضي، والتقيته في أواخر شهر سبتمبر ولم يحرك ساكنا، والتقيناه بعدما قدم تقريره، كان من المفروض عليه اتخاذ إجراءات استعجالية لوقف استمرار هذه الانتهاكات، لما نتحدث عن تصارع مصالح نحن نتحدث على كونه مدير مركز جنيف لحقوق الإنسان المملوك للإمارات، نحن لا نشكك في نزاهته، ولكن هنالك من يتحدث عن تصارع مصالح كيف سيتخذ قرارات ضد الإمارات وهو يرأس المركز؟
هل ستعرض هذا الانشغال على السلطات الجزائرية؟ نحن نخاطبه كمسؤول أممي ومقرر خاص، وهم مستقلون عن حكوماتهم وعن أي جهة يعملون لها، جلسنا معه وللأسف لا تحرك حصل.
تحدثت عن العراقيل التي واجهها الطلبة القطريون، لكن هنالك استثناءات منحت لهم من طرف العربية السعودية، حيث سمح لهم بالعبور، كما تم إعادة طلبة قطريين، يعني المسألة ليست بالجمود الذي قدمته؟ صدرت قرارات وكانت واضحة بمنع القطريين وإبعادهم في غضون 14 يوما، أما أن تسمح لحالات فردية بناء على أهواء شخصية، تمنع الحق وتستثني منه، هذا الحق كان لي وبين فينة وأخرى يسلب الحق ويتعامل معه بالاستثناء، حسب الأهواء فهذا غير قانوني، السماح للطلبة القطريين كان بناء على أهواء شخصية، إذا كان هنالك قرار بعودة الطلبة القطريين لماذا لا يكون قرار صريح ويتم الإعلان عنه ولا يترك للأهواء الشخصية، ولأكثر توضيح السماح لهم بالدخول تم بناء على معارفهم الخاصة، ولم يكن قرارا سعوديا لفائدتهم.
أثير الكثير من النقاش واللغط حول مناسك الحج والعمرة، هل وقفتم حقا على منع مواطنين قطريين من أداء الشعائر؟ قالت السعودية إنها ستسهل إجراءات العمرة والحج للقطريين، لكن للأسف منذ 6 جوان تم طرد القطريين من فنادق المملكة العربية السعودية، إدارة الفندق تدق على غرف القطريين وتطالبهم بالمغادرة الفورية رغم الحجوزات، وهنالك العديد من الحالات، لكن الذين لجؤوا إلى اللجنة هم 3 حالات موثقة، ونحن نعرف حالات شخصية حدث لهم نفس الأمر لكنهم لم يقوموا برفع شكاوى، وتم إبلاغ السعودية بالحالات سالفة الذكر والفندق الذي طردوا منه حتى نقودهم فقدت. وبعدها اشترط على المواطن القطري الذهاب على دولة ثالثة لأداء مناسك العمرة، مثلا الطيران العماني وبحالات موثقة، رفض حجوزات القطريين لأن السلطات السعودية لن تسمح لهم بالنزول، حصل انفراج جزئي خاصة في رمضان، وفي موسم الحج يتم تنقل القطريين المواطنين والمقيمين، عبر وكالات معتمدة وتنسيق من عدة قطاعات وزارية، تم إخطار اللجنة من قبل الوكالات بعدة شكاوى، فرغم حجوزاتهم المسبقة، حيث رفضت وزارة الحج السعودية التنسيق مع وزارة الأوقاف القطرية، كما أن الفنادق رفضت التعامل معهم، حينها أصدرنا بيانا باسم اللجنة ودعونا المملكة إلى عدم تسييس الحج، ولم يردوا علينا، وقدمنا شكوى إلى المقرر الخاص بحرية الدين والعبادة، ولما رفعنا الشكوى، وقلنا إن السعودية منعت على القطريين الحج وما يمثله ذلك من انتهاك لحق الفرد في العبادة وممارسة الشعائر الدينية، قال حينها مسؤول سعودي إن قطر تدول الحج، نحن لم نطالب بتدويله، نحن رفعنا شكوى بعد انتهاك حقنا في ممارسة الشعائر الدينية، هذا يختلف عن المطالبة بتدويل الحج أو وضع أماكن العبادة تحت إدارة دولية، نحن لم نطالب أبدا بتدويل ملف الحج، طلبنا أحقية مواطنينا والمقيمين على الأراضي القطرية بالسماح لهم بممارسة العبادة، هذا ما حصل، بعدها خاطبنا المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وإذا استمرت المملكة قلنا سنصعد الموقف ونخاطب ونلتجئ إلى كل المنظمات الحقوقية والبرلمانات الإسلامية، طالبناهم بإبعاد الحج عن الأزمات السياسية، والدليل أنهم استخدموا ملف الحج وتسييسه أصدروا بيانا وقالوا إن وساطة من الشيخ عبد الله الثاني، إذا كنت لم تمنع حقا شخصا من ممارسة شعائره الدينية، لماذا تقبل بالوساطة إذن؟ كما أبلغناهم بأن ممارسة الشعائر الدينية لا تحتاج لا إلى وساطة ولا إلى مكرمة، السعودية استمرت في فرض العراقيل على القطريين، ومن ذلك إلزام أي حاج قطري بالسفر عن طريق دولة ثالثة، الحاج القطري صار عليه أن يذهب إلى طهران ثم إلى مكة، فيما الحاج الإيراني يأخذ الطائرة مباشرة إلى جدة أو المدينة، أما الحاج القطري فصار يذهب عن طريق الكويت وتركيا والأردن ومصر، لكن لا يأتي من قطر، السعودية قالت سنسهل على القطريين. هل هذا هو التسهيل؟ هذه عراقيل وصعوبات، بعد ذلك فتحوا المنفذ السعودي وأي قطري يود أداء مناسك الحج فهو مرحب به، لكن لا أحد من القطريين دخل نتيجة للكم الهائل من العراقيل. تصور أن المواطن القطري الذي يدخل المملكة لطارئ أجبر على توقيع إقرار بأنه ذاهب لأداء مناسك الحج، أما 1500 الذين تكلموا بأنهم أدوا مناسك الحج فهم مواطنون دخلوا المملكة لقضاء مصالحهم الشخصية وليس للحج، حتى إننا طلبنا من المقرر الخاص أن يأتي ويلاحظ ما يحصل، ونحقق في الأسماء المقدمة هل أدت مناسك الحج أم لا؟ وللأسف كان فيه استخدام سلبي للإعلام السعودي، بعض المواطنين الذين دخلوا المملكة فرادى لحالات أجبروا على تقديم شهادات بأن المملكة لم تقصر في حقهم وكانت إلى جانبنا.
المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، والحملة العالمية لمواجهة التمويل القطري للإرهاب، الهيئتان وجهتا إلى قطر سيلا من الاتهامات، كتمويل الإرهاب ومن ذلك الإخوان وداعش، وسحب الجنسية عن العوائل القطرية والمعاملة السيئة للوافدين وعدم المساواة في الرواتب، ما ردكم؟ أول شيء، المنظمة العربية أصدرت بيانا ثانيا يوم قالت إنها لم تصدر أي بيان، هنالك شخص منتحل صفة المنظمة أصدر البيان، أما الاتهامات بدعم الإرهاب فأول شيء من له الحق في وضع أفراد أو دول أو شخصيات على قائمة الإرهاب؟ هنالك لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن الدولي هي المخولة بوضع القوائم، وليست الدول، تصور أن دول الحصار وضعت كتابا وصحفيين، لمزاجات وأهواء، النقطة الثانية حتى لو وجدت منظمة إرهابية أو دولة تدعم الإرهاب بعيدا عن قطر، ليس من حق الأممالمتحدة ومجلس الأمن وأي دولة أخرى، أن تنتهك حقوق الإنسان بسبب مكافحة الإرهاب، حتى هذه الإجراءات تم تجاوزها في حق القطريين، لماذا لم يلجؤوا عبر مزاعمهم إلى الأممالمتحدة؟ هنالك هيئة تسوية المنازعات في مجلس التعاون الخليجي لماذا لم يتم اللجوء إليها لإثبات ما تدعيه؟ وفيما يخص حقوق العمال، نحن في دولة قطر ومن يود التحقق عليه بالعودة إلى التقارير التي تصدرها لجنة حقوق الإنسان، نحن ننتقد الحكومة وننتقد أوضاع حقوق الإنسان، لأن هنالك تحديات كبيرة في العالم ونحن لسنا في الجنة، في كل عالم هنالك تحديات ولكن هنالك مطالبة من طرف لجنة حقوق الإنسان والمنظمات الدولية خاصة في مجال حقوق العمال، والدولة تجاوبت مع التوصيات المرفوعة إليها، وغيرت التشريعيات، والمنظمات الدولية راقبت التطور.
اللجنة قطرية وبطبيعة الحال تدافع عن الدول التي تنتمي إليها؟ اللجنة الوطنية مستقلة، وحتى دول الحصار قدمت شكوى اللجنة القطرية لسحب التصنيف منها، لكن المنظمات الدولية أكدت أننا لجنة مستقلة ونعمل بكل شفافية.
تتحدث بكثير من الإيجابية عن وضع حقوق الإنسان في قطر، لكن هنالك وضع مأساوي، ونقصد ما حصل للشاعر محمد بن الذيب، كيف يدان شاعر بالمؤبد لأنه هجا الأمير، أو تجميد الأرصدة المالية لفرد العائلة عبد الله آل الثاني لاختلاف مع العائلة الحاكمة؟ في ما يتعلق بموضوع الشاعر، في تقرير للجنة حقوق الإنسان لعام 2013 تجد أننا طالبنا بألا تتم معاقبة أي شخص مارس حقه في الإلقاء والتعبير، وكان للجنة دور مهم في قضيته، وتم الإفراج عنه بعفو أميري، وكان للجنة وجهة نظر في الاتهامات والعقوبات، أما تجميد حسابات الشيخ عبد الله آل الثاني فلا يوجد إلى حد الساعة مصدر رسمي للموضوع، وفي الآونة الأخيرة هنالك هجمة شرسة من طرف إعلام دول الخصوم علينا.