تجاهل وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل، ردة الفعل المغربية تجاه التصريحات المثيرة التي أدلى بها نهاية الأسبوع المنصرم، لكنه وجّه "وخزة" للسلطات الفرنسية بشأن ما تردد عن تقديم فدية مقابل الإفراج عن الرهينة "بيار كامات"، الذي كان اختطف من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بشمال مالي. وحضر مساهل الاجتماع وافتتحه بكلمة حول سبل محاربة الظاهرة الإرهابية، غير أنه لم يلبث أن غادر القاعة من دون أن يدلي بتصريح يشفي غليل الصحافيين الذين كانوا ينتظرون منه تصريحا بشأن الحرب الدبلوماسية والإعلامية التي شنتها الرباط ضد الجزائر خلال اليومين الأخيرين. وبينما حضرت العديد من الدول أشغال الاجتماع الأول لمجموعة العمل للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب حول غرب إفريقيا، ومن مختلف القارات المنتدى، إلا أن اللافت كان غياب التمثيل المغربي، وهو ما اعتبره الملاحظون امتدادا للموقف المغربي المتشنج من تصريحات رئيس الدبلوماسية الجزائرية. أما خطاب مساهل أمام الحضور فكان دبلوماسيا وعاما لكنه تضمن رسائل لبعض الدول المتهمة بترويج الحشيش، وكذا تلك التي لم تحترم قرار الأممالمتحدة القاضي بتجريم تقديم فدية للجماعات الإرهابية مقابل الإفراج عن الرهائن. مساهل أكد في خطابه التزام الجزائر بمحاربة الظاهرة الإرهابية وكذا التعاون مع المجموعة الدولية من أجل القضاء عليها، وقال في هذا الصدد، إن الجزائر التي "عانت الأمرين خلال التسعينيات من آفة عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، تحافظ على مستوى عال من اليقظة داخل أراضيها، وعلى طول الحدود وتجدد استعدادها لتعزيز تعاونها في مجالي الحدود والشرطة مع كل بلدان المنطقة". وزير الشؤون الخارجية أكد أيضا على "ضرورة العمل سويا من أجل تجفيف مختلف مصادر تمويل الإرهاب بمنطقة غرب إفريقيا، ومن بين هذه المصادر اختطاف رهائن مقابل فديات، والجريمة المنظمة العابرة للأوطان بجميع أشكالها، والاستغلال المثمر اليوم لشبكات الهجرة غير الشرعية، والأسلحة والمخدرات والهيروين، وخاصة الحشيش والمتاجرة بالأشخاص، وتبييض الأموال التي تدر أرباحا طائلة تسمح للجماعات الإرهابية بالتوفر على إمكانات مالية هامة للتمويل ومواصلة وتوسيع نشاطها الإجرامي إلى بلدان أخرى". رئيس الدبلوماسية الجزائرية شدد بالمقابل على التزام الجزائر بمواصلة "دعم جهود منظمة الأممالمتحدة من أجل تجريم دفع الفديات مقابل تحرير الرهائن، وكل الأعمال الرامية إلى تجفيف مختلف مصادر تمويل الإرهاب". وإن لم يذكر مساهل دولا بعينها، إلا أنه وجه رسائل غير مباشرة لكل من المغرب وفرنسا، فتأكيد وزير الخارجية على محاربة آفة "الحشيش"، يحيل المتابع إلى المغرب التي تعتبر أكبر منتج ومصدر لهذا النوع من المخدرات الذي غزا العديد من الدول الإفريقية والأوربية. كما أن تأكيد رئيس الدبلوماسية الجزائرية على تجفيف مصادر تمويل الإرهاب بمنطقة غرب إفريقيا، والأموال المتأتية من الإفراج عن الرهائن، يمكن اعتباره أيضا "وخزة" للسلطات الفرنسية، التي أكد رهينتها السابق "بيار كامات"، أن الإفراج عنه كان مقابل فدية مالية، وهو ما يتنافى مع مقررات الأممالمتحدة، التي أقرت مشروعا للجزائر يقضي بتجريم منح الفدية.