الجزائريون تابعوا المباراة بكل جوارحهم /تصوير يونس .ا .. صوت "الفوفوزيلا" كان يُدوي أجواء وشوارع العاصمة الضيقة، من القبة إلى حسين داي وصولا إلى شوارع بلوزداد ... "وان تو ثري فيفا لا لجيري"، حمى القلق والتوتر والغضب، زاد مؤشرها كلما اقتربت عقارب الساعة إلى الثالثة زوالا، بدا الأمر وكأن الجزائريين على موعد مع معركة وليس مباراة في كرة القدم .. هكذا أمضى الجزائريون أصعب أربعاء في حياتهم. * الشركات العمومية والخاصة رخصت لعمالها الخروج على الساعة الثانية بعد الزوال * * الساعة التاسعة صباحا ونحن نتجه إلى مقر جريدة "الشروق اليومي" بالقبة، وعلى غير العادة، يبدو أن الكثير من الجزائريين استيقظوا مُبكرا من أجل الهروب مبكرا من مقرات عملهم، لا حديث إلا عن المباراة، وفي أجواء تاريخية أعاد الجزائريون تعليق الأعلام والرايات الخضراء على شرفات المنازل، وفي السيارات .. غير أن المثير للاستغراب صوت العشرات من آلة "الفوفوزيلا" وكأن الأمر يتعلق بشوارع جنوب إفريقيا، بألوان مختلفة وبأطوال مختلفة دخلت الجزائر أخيرا، لم تكن فقط في أيدي الصغار، بل أن الكثير من الشباب كانوا ينفخون فيها، الغريب في هذه الآلة أنها تحدث صوتا مُدويا يسمع من مناطق بعيدة أحد الأطفال ممن كان يحملها في يده التف حوله الكثير من الأطفال (بدا الأمر وكأنه مشهد مسروق من جنوب افريقيا) اقتربنا منه، وحاولنا الاستفسار من أين له بهذا البوق رد قائلا: (لقد اشتريتها ب 500 دينار .. اشتراها لي والدي). * وفي خطوات التقليد استعان الكثير من الجزائريين بأبواق مقلدة، تشبه (الفوفوزيلا) وصنعوا بها أيضا أجواء استثنائية أوقفنا أحد الشباب ممن كان يلف جسده بالعلم الوطني يتحدث قائلا: أعتقد أن صوت هذه الآلة والمناصرة بها أفضل بكثير من الألعاب النارية والفيميجان". * * الساعة الواحدة زوالا .. "زحمة، غاشي" * حالة ازدحام خانقة في حركة السير دقائق قبل انطلاق مباراة الجزائر أمريكا، تزاحمت سيارات الموظفين الهاربين من مقرات عملهم وما زاد الطين بلة نقص وسائل النقل العمومي، حيث علق الكثير من المواطنين، أمام محطات النقل، دون أن تمر عليهم لا سيارة أجرة، ولا حتى وسيلة نقل عمومي، ففي محطة سيارات النقل الجماعي في ساحة أول ماي، بقي الكثير من المواطنين عالقين، وهم ينتظرون من يقلهم إلى منازلهم، فيما كان الكثير من المواطنين يمرون بسياراتهم، على أنغام (وان تو ثري فيفا لا لجيري). * الساعة الثانية زوالا، من يوم أمس الأربعاء نتجه نحو وسط الجزائر العاصمة عبر الطريق السريع الرابط بين شرق العاصمة بغربها، سيارات ومركبات من كل الأحجام تغلق الطرق السريعة وكأنها ساعات الإفطار وشهر رمضان الكريم، بعض المواطنين ممن التقيا به وهو محمل بما يزيد عن 8 خبزات، كان يقوله لجاره، (إذهب واشتري الخبز فقد لا تفتح المحلات أبوابها بعد الساعة الرابعة). * من جهة أخرى اهتدت محلات الأكل السريع على غرار المقاهي إلى محاولة جذب الجمهور من المناصرين، عن طريق شاشة التلفاز، حتى أن بعض القنوات من قامت بعرض المباراة على قنوات الجزيرة المشفرة، ومن الجزائريين من فضل مشاهدة المباراة عبر الشاشات العملاقة التي تم نصبها وظلت لساعات طويلة قبل بدء المباراة، تبث أغاني رياضية للمنتخب الوطني على غرار الشاشة العملاقة بساحة رياض الفتح. * بدأنا نقترب من الساعة الثالثة إلا عشر دقائق، بدأت تقل الحركة، عبر طرقات الأحياء والشوارع الضيقة، كل المحلات التجارية مُغلقة، حتى الصيدليات بما فيها المستشفيات ومحطات البنزين ودوائر البلديات والمصالح الإدارية، المخبزات، حتى الشوارع خلت عن عروشها، يوم الأربعاء لم يكن يوما عاديا، الكثير من الجزائريين بدأ يومه متوترا، متنرفزا، ارتفعت معها حمى القلق كلما ارتفعت ساعة المقابلة حتى بدأ بالنسبة للكثيرين وكأن الأمر يتعلق بمعركة وليس بمباراة كرة قدم أحد الموظفين ممن كان يهم بالهروب مبكرا من مركز عمله، لم يُسعفه الحظ في الوصول حيث اصطدمت سيارته من نوع (كليو) بيضاء اللون بسيارة من نوع (تيوتا هيلكس) في طريق المدنية، وبالرغم من أن سيارته أصيبت بخدوش بليغة، فضل الصمت والسكوت محافظا على نفس السرعة متوجها إلى بيته وهو يخاطب أحد المارة (كم بقي من الوقت؟). * * 500 دينار ل "الفوفوزيلا" .. وصوتها يصنع الحدث * ما ميز يوم أمس الأربعاء، آلة "الفوفوزيلا" التي اقتحمت شوارع العاصمة، مبكرا، لم يكن ينفخ فيها الصغار فقط، وبيعت الفوفوزيلا بألوان مختلفة، غير أن اللون الأكثر مفضلا، اللون الأخضر، ونجح بعض الباعة الفوضويين عبر عدد من الأسواق الفوضوية في توزيعها وبيعها، حتى أن الكميات الأولى منها التي دخلت العاصمة بيعت ب 500 دينار. * وتوفرت (الفوفوزيلا) عبر عدد من الأسواق التي تم زيارتها على غرار باش جراح، والعقيبة ببلكور وساحة الشهداء، وعند استفسارنا عن مصدرنا قيل لنا إن مصدرها "العلمة" ولاية سطيف، في انتظار أن تدخل كميات أخرى منها، فهل ستزاحم الفوفوزيلا ألوان الفيميجان؟