كشف عدد من الموالين ومربي الحيوانية بالوادي، أن الآلاف من رؤوس الماشية بالمناطق الرعوية مهددة بالانقراض، بسبب التراجع الفجائي لنشاط التربية الحيوانية تتصدرها فصيلتي الأغنام والإبل. وأرجع محدثونا أن أهم المخاطر المحدقة بمستقبل التربية الحيوانية بالمنطقة، هو الهجرة القسرية للرعاة، من المناطق الريفية ذات الطابع الرعوي إلى التجمعات السكانية الحضرية، هروبا من جحيم ظروف معيشية قاسية، أمام عجز مصالح الفلاحة عن التفكير في تسطير إستراتيجية مدروسة من شأنها استئصال كل المعوقات التي ترهن مستقبل الثروة الحيوانية. وأكد عدد منهم في تصريحات متطابقة "للشروق اليومي" أنهم يتكبدون منذ سنين، تقلصا في المساحات الرعوية المحاذية للقرى النائية، وتغول المساحات المسقية على حساب المناطق الرعوية، وهو ما أثر سلبا على استمرارية مسعى تكاثر الثروة الحيوانية والحفاظ عليها، وهي المشاكل التي دفعت بهم إلى مقاطعة نشاط تربية الماشية، متوجهين لممارسة مهن أخرى أكثر دخلا، بعد أن رمت بهم مهنة الرعي، في مأزق الإفلاس القهري. ومن جهة أخرى، انتقد عدد من المربين التعاطي العقيم للمصالح الوصية مع انشغالاتهم، المتمثلة في توفير مرافق تربوية تعليمية لتمدرس أبنائهم، وهياكل صحية للعلاج، ناهيك عن إلزامية التكفل بمشاكلهم المهنية، التي تستوجب تدخل الإدارة لتذليها من خلال تقديم الدعم المالي وتهيئة مناطق رعوية جديدة، ومحاربة ظاهرة تحويل المناطق الرعوية إلى فلاحية، لاسيما أن أغلب المربين ينحدرون من الأسر المعوزة، ورغم إلحاحهم على ضرورة تلبية جملة مطالبهم المشروعة، حسبهم، لتحسين أوضاعهم المعيشية، إلا أن المصالح المعنية، ظلت لا تعير أدنى اهتمام لانشغالاتهم، رغم أنه السبيل الوحيد لإعادة بعث وإحياء هذا النشاط الآيل إلى الزوال، لصد حتمية انقراض رؤوس الماشية، مشيرين أن الإهمال غير المبرر الذي يطال نشاط التربية الحيوانية، أثر سلبا على حرف أخرى مستنسخة كصناعة الألبسة التقليدية "الصوفية" وتجارة الحليب والزبدة واللحم وغيرها. ويرى عدد من المهتمين بشأن نشاط التربية الحيوانية، لاسيما العاملين الذين التقتهم "الشروق اليومي" بالمناطق الرعوية بعمق الصحراء، أن الحل الأمثل للنهوض بهذا النشاط، وإعادة بعثه من جديد، يكمن في التفكير الجدي في إنشاء مساحات رعوية جديدة، وفق إستراتيجية مدروسة، تراعى فيها كل احتياجات المربين لتحقيق استمراريتهم، ومن ثمة تحقيق الاكتفاء الذاتي المحلي، وهو لا يتأتى إلا من خلال، إنشاء مناطق رعوية جديدة تراعى فيها الخصوصيات الجغرافية، إلى جانب تمركز المربين تستغل بشكل فردي أو جماعي على ان تهتم هذه المساحات الرعوية باحتياجات المربين، من العلف الغذائي ذات النوعية المناسبة للماشية، مجهزة بآليات سقي حديثة، وذلك عن طريق تجميع المزارع الرعوية حول آبار مشتركة، ذات صب مناسب، مع السعي الى تنظيم هذه المناطق الرعوية على شكل تجمعات صالحة للسكن، تساهم في استحداث حركية اقتصادية تسمح بتوفير منتجات حيوانية ونشر صناعات تقليدية محلية موازية ذات جودة اقتصادية كبيرة، وبعد ثقافي تراثي راق، وهي الركائز التنموية الوحيدة التي من شأنها ان تضمن تحسين المداخيل المالية للمربين، وتمكينهم من الاستقرار وسط تجمعات سكنية قارة. ومن جهتها مديرية الفلاحة وعلى لسان أحد إطاراتها أكدت أنها تولي أهمية بالغة لهذه الشريحة من المربين لاسيما المتواجدين منهم بالمناطق الرعوية النائية، وأشارت أنها قدما الكثير من الامتيازات والتحفيزات لهذه الفئة بالتنسيق مع كل من محافظة الغابات التي وفرت آبارا ارتوازية وكما هائلا من اللوحات الشمسية التي تمونهم بالطاقة الكهربائية بالإضافة إلى تسطير برنامج للرعاية الطبية الدورية يعنى يكل الفئات العمرية وذلك بالتنسيق مع مديرية النشاط الاجتماعي، مضيفة أنه جار العمل لتلبية كل انشغالاتهم العالقة التي من شأنها توفير حياة كريمة لهذه الفئة.