أكد مصدر من مديرية الفلاحة بولاية بسكرة للشروق اليومي أن إنتاج التمور مرشح هذا العام لتحطيم كل الأرقام القياسية بعد نهاية عمليات الجني الخاصة بعام 2010 أواخر الشهر القادم، وركز على أن الموسم الحالي حقق معادلتين من النادر أن تتوفرا معا وهما الجودة والكمية... وقال أن الفرصة مواتية لتعود دڤلة نور علامة جزائرية خالصة لتجد مكانها كأحسن أنواع التمور في العالم وتعود الجزائر للريادة التي فقدتها بسبب شيخوخة النخيل والسياسات الفلاحية المتعاقبة الفاشلة، ويفترض أن يتجاوز الإنتاج هذا العام ستة ملايين قنطار، وولاية بسكرة التي توجد بها أزيد من مليونين ونصف مليون نخلة خاصة بدڤلة نور ستكون لها النسبة الأوفر من هذا الإنتاج بعد خيبة العام الماضي، وكان رمضان 2010 الذي عشناه في عز الصيف متميزا بكونه مرّ من دون دڤلة نور أو حتى التمور العادية التي يحبذ الجزائريون تعاطيها بعد صيام اليوم كله.. وأشار السياح الجزائريون الذين زاروا تونس خلال الصائفة الماضية إلى وجود تمور مجهولة في مختلف المدن التونسية كتب عليها دڤلة نور التونسية، ومؤسف أن يعود الجزائريون من أيام سياحية قضوها لدى الجارة تونس ومن دول عربية أخرى وهم محملين بالتمور وبالدڤلة التي فضل الأشقاء أن يسموها باسم دڤلتنا، حيث ظهرت في الأسواق العالمية الآن دڤلة نور التونسية في غياب المنافسة القوية لأشهر وأشهى أنواع التمور في العالم وهي دڤلة نور... المعروف أن دڤلة نور هي أجود التمور في العالم.. والمعروف أيضا أن ثلاثة أرباع الجزائريين لم يتذوقوها في حياتهم إما لغلائها أو لندرتها أصلا، ولكن الملاحظ منذ انقضاء عيد الأضحى المبارك توفرها بكثرة وبجودة أيضا في الأسواق حتى صارت فاكهة الجزائريين. وأصل النخيل هو المنطقة الممتدة من شمال إفريقيا إلى الشرق الأوسط والخليج، ومع ذلك فهو موجود في دول عديدة مثل الصين وباكستان وحتى في جنوبإسبانيا، ويوجد ما لا يقل عن مائة نوع من التمور، وتبقى الأجود في دول المغرب العربي وفي الجزائر بالتحديد. النخلة التي يعوم جذرها في الماء ويحترق رأسها في اللهب هي أصعب زراعة ممكنة، حيث لا تمنح المجتهدين من الفلاحين ثمارها إلا بعد اثنتي عشرة سنة من الكد والجهد، وتعيش عموما مائة عام ويصبح تشبيبها ضروريا.والنخلة هي أيضا الشجرة المعرضة للانقراض، فقد أضاعت المغرب الثلثين من نخيلها بفعل وباء fusarium كما فعل البيوض فعلته في نخيل تونس، وأهلك المرضان معا نخيل الجزائر وجعلها تتدحرج إلى المركز السابع عالميا وتسقط نهائيا من قائمة الدول المصدرة للتمور. ونافست دائما العراق تاريخيا الجزائر بتمورها ليس لجودتها وإنما لاجتهاد العراقيين، فأثناء زيارة سابقة قادت "الشروق اليومي" إلى بلاد الرافدين قبل الاستعمار الأمريكي في شتاء 2003 لاحظنا مدى اهتمام النظام الصدامي بالنخلة، حيث يجبر كل عراقي بالقوة على أن يزرع نخلة في حديقة بيته دلالة على الشموخ، ومن تجاوز الأمر يكون مصير بيته أو فيلته أو قصره الهدم ومصيره هو السجن، كما تزدهر بغداد ومختلف المدن بغابات كثيفة وجميلة من النخيل، أما صناعة التمور فتزدهر بشكل رهيب، حيث تناولنا مربى التمور وهو أشبه بالعسل إضافة إلى مشروبات متنوعة من عجائن التمر بالرغم من أن تمور العراق دون تمور دڤلة نور الجزائرية، أما الفلاحون عندنا فهم في حروب طاحنة من أجل أن تعيش نخيلهم.. فقط. يبلغ طول النخلة العادية ما بين 15 إلى 20م، وهي من أجمل الأشجار، حيث تزيّن شوارع روما وبرشلونة ومدريد، وقد تغيب عن شوارعنا، والنخلات القليلة التي تزين جامع الأمير عبد القادر منذ إنجازه منذ ربع قرت تقرر بترها خلال الأيام القادمة بسبب مشروع الترامواي، حيث من المفروض أن تقلع من جذورها خلال أواخر أكتوبر الحالي أو بدايات نوفمبر وتحاول دول كثيرة باردة توفير الأجواء لتزيين حدائقها وشوارعها بهذه النبتة الفريدة الفاتنة وتغيب عندنا ولم نحضر أبدا عمليات تشجير خصت النخيل في زمننا البيئي المتدهور. الأمريكيون أخذوا النخيل من المغرب وطوّروه في كاليفورنيا وهم يكتفون ذاتيا ويستعملوه حتى في صناعة الخمور، وإذا كانت عائلة النخيل في الجزائر تمنح في جنيها ما بين كيلوغرامين وعشرين كيلوغراما من التمر فإنها في كاليفورنيا تمنح ما بين ثمانين ومائة كيلوغرام.. وبالمختصر المفيد الجزائر تخسر بين عام وآخر نبتة ولدت في أرضها ولأجل شعبها وصرنا نخشى أن تدفن في أرضها وبأيدي شعبها، لكن ما حدث في موسم جني التمور لعام 2010 قد يكون الانطلاقة الكبيرة نحو عودة دڤلة نور لتسيّد التمور العالمية.