في زحمة ثورة الشارع المصري على النظام القائم، نسي الكثيرون أن في القاهرة توجد السفارة الإسرائيلية التي كانت عرضة دائما لمطالب المحتجين بطرد دبلوماسييها، ولكنها هذه المرة ظلت بعيدة عن الحدث، ولا يوجد لحد الآن أي متظاهر مصري طالب بغلقها وطرد سفيرها، بينما يرى كثيرون أنها ستكون بعد التخلص من فرعون مصر، لأن طرد بنو إسرائيل بعد ذلك سيكون سهلا .. وإذا استثنينا مظاهرة المصريين والعرب في الدوحة التي نادى بعض مهندسيها بطرد السفير الإسرائيلي فإن الحدث الداخلي ومحاربة النظام هي أولى من الاهتمام بشأن السفارة الإسرائيلية التي فهمت الرسالة الشعبية بطريقة غير مباشرة وغادر جميع ديبلوماسييها مصر بسرعة فائقة رغم تأخر الإعلان عن ذلك إلى غاية مساء السبت، حيث قيل إن طائرة خاصة نقلت الديبلوماسيين الإسرائليين رفقة أربعين سائحا يهوديا كانوا متواجدين بين الغردقة وشرم الشيخ.. * لكن الصحيفة الإسرائيلية يديعوت أحرنوت اعترفت منذ بداية الانتفاضة أن الكيان الصهيوني قام بترحيل أزيد عن مليون سائح إسرائيلي حتى لا يطالهم التقتيل، وهذا بالتعاون مع شركة الطيران الصهيونية آلعال .. ورغم أن بلاد الأزهر قد تطهّرت من التدنيس الإسرائيلي فإن تقارير كثيرة تؤكد أن الموساد اندس في الطرفين النظام وأيضا مع المتظاهرين ويصرّ المصريون أنه لا يمكن تصوّر أي مصري يهدف إلى حرق المتحف الوطني الذي هو كنز مصر الأكبر، وأن كل المحاولات التي طالته كانت إما بتخطيط أو تنفيذ موسادي، فمن غير المعقول أن تكون إسرائيل التي لها مخابرات حتى في أمريكا الجنوبية وشرق آسيا بعيدة عن أهم بلد جار لها من دون أن تلعب فيه كل أوراقها، خاصة أن انضمام مصر إلى أعداء الدولة العبرية سيكون كارثة لإسرائيل التي لم يحدث وأن أصبح لها أعداء من فرس وتركمان وغيرهما كما هو حاصل معها الآن، وكانت دائما تعتبر مصر درعها الحديدي وواقيها في مختلف حروبها الأخيرة خاصة أمام حزب الله وحركة حماس.. * حكاية السفارة الإسرائيلية القابعة على صدر مصر منذ أزيد عن ثلاثين سنة هي تحدي ومحاولة يائسة للسلام مع الصهاينة، والدليل على ذلك أن بنايتها تتغير وعنوان مسكن السفير الصهيوني ضمن أسرار الدولة المصرية، فقد كانت السفارة قائمة في شارع باسم محمد الدرة الشهيد الفلسطيني الصغير ثم تم نقلها إلى العقار السادس أسفل كوبري جامعة القاهرة، وشغلت من العمارة الشاهقة الطوابق الأخيرة وهي من الطابق 19 إلى الطابق 21 .. * ورغم أن الجيش المصري تأخر في حماية المواطنين المصريين من البلطجية وإرهاب اللصوص الذين عاثوا في أملاكهم فسادا فإنه تواجد بقوة منذ يوم الثلاثاء الماضي أمام السفارة الإسرائيلية، وأيضا البريطانية والأمريكية رغم أن تواجده القوي أمام السفارة الإسرائيلية أمر عادي إلى درجة أن الصحيفة الإسرائيلية يديعوت أحرنوت طمأنت الإسرائيليين بالقول أن الحراسة المخصصة للسفارة الفارغة على عروشها أكبر من الحراسة المخصصة لقصر الرئيس حسني مبارك .. * وهو التطمين الذي لا يوجد فيه أي مبالغة كما طالت الحراسة القوية فيلا السفير الإسرائيلي في حي المعادي رغم أنه لا يسكن فيه إلا نادرا مادام منذ أشهر يباشر أعماله عبر الأنترنت إما من باريس أو لندن أو تل أبيب. *