أثار التقرير الأخير الذي صدر عن كتابة الدولة الأمريكية، الذي يتهم الجزائر بالمتاجرة بالبشر، استغراب أوساط رسمية وشعبية جزائرية، مبدية أسفها للمعلومات المغلوطة الواردة فيه، البعيدة عن واقع الجزائر، حيث تتنافي هذه السلوكات تماما مع القوانين الجزائرية، خصوصا وأن الترسانة التشريعية الجزائرية تنص على معاقبة كل الجرائم والجنح المتعلقة بالجريمة الدولية في إطار القانون الجنائي الذي ينص على عقوبات قاسية جدا ضد من يرتكب مثل هذه الجرائم. * ويذهب دبلوماسيون سابقون تحدثوا لموقع الإذاعة الجزائرية، إلى أن هذه الاتهامات تأتي لتدعم اتهامات سابقة تحاول توريط الجزائر في قضايا لا صلة لها بها، والهدف منها محاولة إضعاف الجزائر، وثنيها عن موقفها الثابت المتعلق بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مشيرين إلى أن ما حز في نفوس هؤلاء هو بقاء الجزائر في منأى عن ما يحدث في بعض الدول العربية. * وفي هذا الصدد، قال الدبلوماسي السابق، صالح بلقبي، أنه يستحيل أن يقوم الجزائريون بمثل تلك الأعمال المتعلقة بالمتجارة بالبشر، مشيرا إلى أنها خارجة عن أعراف الجزائريين والدين الإسلامي الحنيف الذي يدين به الجزائريون. * وأضاف أن هذه التهمة الملفقة تأتي كضريبة للموقف الثابت والمقدس في السياسة الخارجية الجزائرية، الذي يؤكد عدم تدخلها في شؤون البلدان الأخرى، وإلا كيف يمكن أن تتهم بذلك وهي التي ظلت طيلة عقود مدافعة عن الشعوب المستضعفة التي تعاني من الاستعمار والعبودية. * وتابع" ما حز في نفوس من يكيل للجزائر هذه التهم هو بقاؤها بمنأى عن الأحداث التي تعيشها بعض الدول العربية الشقيقة محافظة على استقرارها وأمنها ومنشغلة بتنمية اقتصادها، فحاولوا توريطها في قضية ليبيا، ثم هذا التقرير التعلق بالمتاجرة بالبشر، وهي السلوكات التي قال انها بعيدة كل البعد عن قيم وأعراف المجتمع الجزائري". * وأكد بلقبي أنه يستحيل على الحكومة الجزائرية أن تتدخل في شأن آخر غير شأنها، خاصة إذا كان مع بلد مجاور وشعب شقيق، مبرزا أهداف هذه الاتهامات في إضعاف موقف الجزائر وحملها على تغيير موقفها. * وتساءل المتحدث عن جدوى تدخل الجزائر في شأن بلد آخر، وهي التي تضررت كثيرا من التدخل الأجنبي، خاصة خلال العشرية، نافيا أن يكون ما حدث خلالها من طبيعة الجزائريين ولا من شيمهم وأعرافهم، بل هي مكيدة مدبرة لإضعاف درها في التضامن العربي الإسلامي والبدلان المستضعفة في العالم الثالث. * من جانبه، قال محمد دباح، الدبلوماسي السابق، ان توجيه مثل هذه الاتهامات إلى الجزائر محاولة إدخال الجزائر في دوامة لإضعافها وتشويه سمعتها وثنيها عن مواقفها الثابتة المتعلقة بعدم التدخل في شؤون الغير ومساندتها للقضايا العادلة في العالم. * وأضاف دباح أن اتهام الجزائر بالمتاجرة بالبشر مرتبط بالاتهامات التي تكال إلى الجزائر من هنا وهناك، ومن بينها تلك التي تعلق بالأحداث التي تعيشها ليبيا. مضيفا أن الاستقرار الذي تعيشه الجزائر وعدم انتقال عدوى ما "سمي بالربيع العربي" إليها، كان صدمة للكثير من المتربصين بها، وهو ما ظهر جليا خلال المنابر الإعلامية العالمية في بدايات الأحداث العربية التي كانت تنتظر اندلاعها في الجزائر، وهو الأمر الذي حز في نفوس بعض الجهات ما دفعها إلى كيل الأكاذيب وتوجيه الاتهامات إلى الجزائر مجانا. * وأكد الدبلوماسي الجزائري السابق أن الجزائر لم تحد، ولن تحيد يوما عن موقفها الثابت المتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مضيفا أن لا مصلحة للجزائر في إثارة الفتنة في ليبيا، ودعم أي طرف في ليبيا على حساب آخر. * ولم يستبعد دباح، أن تكون فرنسا، التي لا زالت تتجرع مرارة هزيمتها في الجزائر التي استعمرتها طيلة 132 سنة وخرجت خائبة مذلولة، وراء كل تلك الاتهامات الباطلة في حق الجزائر والجزائريين، فهي لا زالت تتملكها النزعة الاستعمارية وتحقيق مصالحها من وراء إثارة النزاعات في البلدان المستقرة. * ولم يتردد الدبلوماسي في التأكيد على أن الجزائر ستبقى واقفة برجالها وتوحد شعبها، كما صمدت أمام كل الهزات التي استهدفتها، وكانت دائما تخرج منها واقفة، ولعل أبرزها خروجها من العشرية السوداء أكثر قوة ومن دون مساعدة أي دولة. * كما لم يستبعد أن تكون التهم التي حملها التقرير الأمريكي المتعلق باتهام الجزائر بالمتاجرة بالبشر من صنيعة أياد فرنسية أيضا التي لها مصالح "معينة" من تعتيم الجو في المنطقة، ولا أدل من ذلك التذبذب في مواقفها تجاه الأحداث الجارية في ليبيا. وقال أن هناك حملة انتخابية فرنسية تجري على أرض ليبيا تحضيرا لانتخابات 2012.