أجمع المشاركون في الملتقى الوطني حول الصحافة الدينية في الجزائر، الذي ناقش دور الصحافة الدينية إبان الفترة الاستعمارية، على أنها كانت تجربة رائدة ومُلهمة في الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية للجزائر. وشدّدوا على أن الصحافة الدينية كانت عنواناً جامعاً للعديد من الروافد الصحفية؛ حيث تجاوزت المفهوم الضيق للدين كممارسة تعبّدية شعائرية، لتصبح أداة فكرية وثقافية، تساهم في نشر الوعي، ومقاومة محاولات التنصير والفرنسة. وأشار المشاركون في الملتقى الذي احتضنته، مؤخرا، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، إلى أنّ بدايات الصحافة الجزائرية كانت مع جريدة "المبشّر" عام 1847، التي صدرت بأمر من الملك الفرنسي فيليب. ومع مرور الوقت سمحت السلطات الاستعمارية بإنشاء الصحف والمجلات العربية؛ ما فتح المجال أمام الصحافة الوطنية. وطالب المتدخّلون بالاعتراف بدور الصحافة الجزائرية الوطنية، التي بدأت في الظهور بفضل جهود المثقفين الجزائريين الغيورين؛ حيث أكّدوا أن هذه الصحف مثلت اتجاهات مختلفة؛ منها صحافة النخبة، وصحافة الطرق الصوفية، والإصلاحية، والوطنية. وساهمت، بشكل كبير، في الحفاظ على الهوية الجزائرية العربية الإسلامية. وأضاف الباحثون أن الصحافة الدينية لعبت دوراً محورياً في مقاومة محاولات التنصير والفرنسة التي كانت تروّج لها السلطات الاستعمارية. وكانت هذه الصحافة أداة فعالة في نشر الوعي الديني والوطني. ودعت إلى التشبّث بالهوية العربية الإسلامية. وبالمناسبة، أكّد رئيس الملتقى الدكتور محمد البشير بن طبة، أنّ الصحافة الدينية المسيحية عملت على محاولة تحويل الجزائريين من الإسلام إلى المسيحية، في حين سعت الصحافة الدينية اليهودية إلى تعزيز الأجندة الصهيونية، ودعم انتقال اليهود من الجزائر إلى فرنسا؛ تمهيدًا لتحقيق "أرض الميعاد" . وأشار في تدخله إلى أنّ الهيمنة اليهودية على مراكز صنع القرار العالمية ليست حديثة، بل تعود إلى أجندات قديمة، موضحا أن صحفا يهودية صدرت في الجزائر خلال عشرينيات القرن الماضي، كانت تتحدث عن "الأرض الموعودة". كما لفت إلى أن التخطيط الاستراتيجي لليهود ساهم في تشكيل الواقع الحالي للقضية الفلسطينية. وأشاد رئيس الملتقى بدور الصحافة الجزائرية في الحفاظ على الوحدة الوطنية والهوية، ورفع الوعي بين المواطنين، مؤكداً أنها لعبت دوراً محورياً في تمهيد الطريق لاندلاع الثورة الجزائرية. وأوضح الدكتور عبدلي المختص في الصحافة الوطنية خلال الاستعمار، أن الصحافة الدينية في الجزائر انقسمت إلى ثلاثة اتجاهات رئيسة؛ الصحافة الجزائرية، والصحافة المسيحية، والصحافة اليهودية، وهو ما يعكس تنوُّع القوميات الموجودة في الجزائر آنذاك. وأشار إلى أن الدراسات والأبحاث التي تتناول الصحافة الدينية المسيحية واليهودية في الجزائر، لاتزال قليلة، داعيا إلى بذل جهود أكبر لدراسة دور هذه الصحافات خلال فترة الاستعمار. كما أكد أن الصحافة الدينية الجزائرية لعبت دوراً محورياً في توعية الشعب الجزائري، وتعليمه أسس دينه، وتعزيز التماسك الاجتماعي بغض النظر عن الأصول العرقية أو الاجتماعية. وأضاف أن هذه الصحافة كانت منصة لكشف الممارسات الظالمة للاستعمار الفرنسي، ووسيلة لنقل انتهاكاته، واصفا إياها ب"صوت المظلومين".