على هامش الملتقى الوطني الأول لاتحاد النساء العربيات بفندق الأوراسي بالجزائر العاصمة، استضافت جريدة »الشروق اليومي« رئيسة الاتحاد العام النسائي وعضو مجلس الشعب السوري السيدة »سعاد بلكور« والتي كان لنا معها حوار حول واقع المرأة العربية وأهم انشغالاتها وتطلعاتها كعضو فاعل في السلطة والمجتمع. * الشروق اليومي: لطالما أسالت قضية الحجاب الكثير من الحبر في المجتمعات الغربية المعادية للدين الإسلامي، ما تعليقكم حول الموضوع حينما يكون المنتقد وزيرا عربيا مسلما ويصف المتحجبات بالرجعيات؟ - سعاد بلكور: الحجاب قضية شخصية، وأرجو ألا يكون عاملا من العوامل التي تؤدي إلى تأخر المرأة أو إغفالها مكانتها في المجتمع، لأنه لا علاقة للحجاب بحقوق أقرّها الإسلام لها في بداياته كاملة، والأهم في الموضوع ألا يكون هناك حجاب على عقل المرأة وذهنيتها فلابد لها أن تعزز مكانتها وانتماءها إلى الأمة والحضارة الإسلامية مع الانفتاح وحوار حضارة الآخر والاطلاع على ثقافته. فالحجاب ليس عائقا في سبيل رقي المرأة واعتلائها أعلى المناصب السياسية أو القيادية ولا داعي لتسييس الحجاب، لأنه في هذه الحالة تكون له انعكاسات تؤدي إلى حجب المرأة وحرمانها من كل حقوقها، والدين لم يكن في يوم من الأيام عائقا. * لاحظنا سيدتي وجود قوى اقتصادية نسائية ضاربة في دول الخليج العربي، لهن اجتماعات ويعقدن مؤتمرات ودورات تدريبية، فلماذا نفتقد هذا العنصر بدول المغرب العربي، وما تفسيركم لهذا التأخر؟ - لا نستطيع إغفال وجود نساء أعمال مغاربيات، لكن الإعلام العربي أغفلهن ولم يروج لهن، فهناك نساء جديرات بالشكر والمتابعة وقديرات في حاجة إلى الدعم المعنوي الذي يسير بهن قدما إلى الأمام، وكما يجب على هؤلاء النسوة المشاركة في المحافل الإقليمية والدولية لتبرزن للوجود. * ماهي أرقام مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية؟ - المرأة العربية كما تلاحظين استطاعت افتكاك حقوقها السياسية ودخلت إلى معترك الحياة السياسية، فمثلا المرأة الكويتية لم تحصل على دورها إلا من مدة قصيرة، وفي سوريا توجد 13 امرأة برلمانية وعشر بالمائة منهن استطعن تقلد مناصب حكومية آنية مما يفسر سيرها المتسارع قدما والوصول إلى مواقع القرار. والدول العربية التي لم تستطع نساءها الوصول لسبب أو لآخر باختلاف ظروف وثقافة المجتمع الذي تعيش فيه، تلجأ إلى نظام »الكوتة«، معتبرة المرحلة الحالية والقادمة مرحلة تميز إيجابي في حياة المرأة العربية التي لابد للمجتمع أن يتهيأ لوجودها باستمرار. * سيدتي الفاضلة، من خلال متابعتكم لتطورات الساحة السياسية الجزائرية، ما هو تقييمكم للتجربة الجزائرية في الميدان، خصوصا وأننا نملك سيدات برلمانيات وامرأة ترشحت للرئاسيات؟ - المرأة الجزائرية ناضلت وشاركت ووضعت هذا الانتصار اليوم والمكانة التي وصلت إليها اليوم بفضل جهودها التي سجلها تاريخ البلاد بأحرف من ذهب، رغم كل ما لاقته أثناء الحرب الداخلية التي أتت على أرواح الكثيرات اللواتي ذهبن شهيدات الواجب وشهيدات قناعتهن بأن الحياة تشاور واشتراك، ودعم رئيس الدولة الجزائري عبد العزيز بوتفليقة للمرأة بأن بوّأها مكانة عالية شأنها شأن الرجل. * ماهي أهم الدول التي أنصفت المرأة؟ - لدينا اليوم دول كثيرة أنصفت المرأة وبوّأتها مكانتها منها الجزائر، لبنان، مصر والكويت. فالمرأة السورية على سبيل المثال ناضلت طويلا منذ الاستقلال 1946 للحصول على حق الانتخاب والترشح وسنة 1963 كانت هناك أول امرأة عضو في المجلس الوطني السوري بعد الحركة التصحيحية التي أجراها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد دون قيد أو شرط فازت في الدور التشريعي الأول واستمرت في النجاحات حتى يومنا هذا أين تحتكم سوريا على 13 رئيسة بلدية ورئيسة مجلس مدينة في حمص، وتقلدت منصب نائب عام في القضاء وهي كذلك نائب رئيس الجمهورية الدكتورة »نجاح العطار« كسابقة في الوطن العربي. * ما تقولين سيدتي في زواج المسيار؟ - زواج المسيار غير موجود لا في الدين الإسلامي ولا في دستوره القرآني، فالزواج ليس ليوم أو ليومين أو شهور وينتهي بانتهاء الغاية المرجوة منه. والسؤال الذي يفرض نفسه هو، لماذا نبتعد عن الصحيح في شريعتنا ونركض لنقتات بفتات الحضارة الغربية المنحلة؟ فالأهم في الزواج ضمان حقوق الأطفال الذين يكونون نتاج هذه العلاقة التي يباركها الأهل والأحباب والتي تضمن استمرارية الكائن البشري والفرد المسلم وتقويه. * ما هو موقفكم مما تلاقيه المرأة العراقية من ويلات الاستعمار؟ - تدمع العين وتدمى القلوب لما وقع ويقع في عراقنا الحبيب ويبقى المذنب الأول والأخير فيه الاستعمار الأمريكي الغاشم الذي استحل أعراضنا وانتهك حرماتنا وقضى على عفّة نساءنا فمن لم يسمع بقصة »عبير« التي اغتصبها الجنود الشواذ بوحشية وبرودة أعصاب دون أن يتحرك الرأي العام، فالاستعمار يبقى استعمارا وعلى المرأة العراقية الصمود وكلنا معها قلباً وقالباً الى أن ينصرنا الله تعالى. * كلمة أخيرة سيدتي للنساء العربيات؟ - نحن مطالبات أكثر من أي وقت مضى بأن نتسلح بمزيد من الوعي والثقافة والعلم والانفتاح في كل علوم العصر بشكل يخدم قضيتنا كنساء عربيات ويخدم أوطاننا ويساهم في النضال التحرري لأراضيها التي مازالت محتلة في الجولان وفلسطين والعراق وجنوب لبنان، وأن تسمع صوتها لكل التنظيمات النسوية ومؤسسات ولجان حقوق الإنسان في الغرب وتوضح لهم ما يجري في فلسطين والعراق وأمريكا هذا الإرهاب الذي ينخر الجسد العربي، وأن تأخذ على عاتقها تعريف الغرب بحقيقة المرأة المسلمة والتأكيد على أن الإسلام هو الدين الذي أعطى المرأة حقوقها كاملة ومتكافئة مع حقوق الرجل تماما، فعليها تأكيد دورها في صنع القرار والسعي لصنع السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط وأن تعزز دورها في كل مجالات التنمية وبالأخص في المشاركة السياسية ومواقع اتخاذ القرار. ح. راضية