يجتاح بريطانيا مرض من نوع جديد لا يحصد الأرواح بالجملة وبسرعة دون تمييز في العمر والجنس، بل يقتل المراهقات بالتحديد وببطء وهن في عمر الزهور. إنه مرض هوس النحافة. كشف مسح مشترك أجراه علماء في جامعة »كوين ماري« وأطباء من مستشفى »غريت اورموند ستريت« للأطفال، وكلاهما في لندن، بين مراهقات منطقة شرق العاصمة البريطانية، ان نصف المراهقات يستمتن في تخفيض أوزانهن تشبّها بنجوم الفن والمجتمع اللواتي تبالغ أجهزة العالم وصحافة المشاهير في إبراز جاذبيتهن ورشاقة أجسادهن، بالرغم من ان بعضهن لسن أكثر من هياكل عظمية من شدة النحافة مثل فيكتوريا بيكام زوجة لاعب كرة القدم البريطاني المعروف ديفيد بيكام. وحذر هؤلاء المختصون أن جيلا جديدا من المراهقات يجازفن بصحتهن وحياتهن نتيجة امتناعهن عن تناول المواد الغذائية الضرورية لبناء أجسادهن وديمومة صحتهن انسياقا وراء هوس النحافة التي يسمونها »الرشاقة«. واعترفت الكثيرات ممن شملهن المسح أنهن يمتنعن عن تناول الوجبات الغذائية الضرورية حتى لا يكتسبن وزنا إضافيا. كما كشف أطباء أنهم يعالجون فتيات لا تتجاوز أعمار بعضهن السادسة وهن يعانين من عوارض الامتناع عن الأكل، مثل الهزال والتقيؤ والخوف الغامض من السمنة. ويلوم المختصون بعض وسائل الإعلام، خاصة صحف المشاهير ومجلات الموضة التي تبرز صور نساء ذات جاذبية وسحر و»رشيقات« الأجساد، مما تزرع في عقول المراهقات ان النحافة هي الطريق الأسرع، أو على الأقل عامل مساعد ومهم الى الشهرة والنجومية. وشمل مسح جامعة كوين ماري ومستشفى غريت اورموند ستريت ثلاثة آلاف مراهقة تتراوح أعمارهن من 11 الى 14 عاما، وتبيّن ان نصف هؤلاء الصبايا على الأقل يستمتن في تخفيف أوزانهن، بالرغم من ان ثلاثين في المائة منهن فقط يعتقدن ان أوزانهن أكثر من المعتاد، مما يكشف ان هوس النحافة متغلغل في أذهان حتى الفتيات اللواتي لا يعانين من زيادة الوزن، وانهن يفرضن على أنفسهن حمية قاسية بدون مبرر معرضات حياتهن للخطر بسبب هوس »الرشاقة«. كما كشف المسح ان ثلث اللواتي خضعن للبحث لا يتناولن فطور الصباح إطلاقا، مما يعني أنهن محرومات من مواد غذائية مهمة جدا لصحتهن الجسدية والعقلية مثل الفيتامينات المتوفرة في الخبز والرقائق التي تؤكل مع الحليب، مع ان الأطباء يؤكدون ان الفطور ليس ضروريا فقط للصحة الجسدية بل هو ضروري جدا للصحة العقلية لتلاميذ المدارس خاصة. وأحد المسائل المقلقة التي كشفتها الدراسة ان 16 في المائة من الفتيات في عمر 11 12 عاما يعانين من حالات مرضية عاطفية ونفسية مثل الكآبة والقلق وضعف الثقة بالنفس مما تجعلهن أكثر عرضة لأمراض التغذية. وفي فئة أعمار 13 14 عاما بدت الحالة أكثر سوءاً حيث تعاني نسبة 18 في المائة منهن من مشاكل عاطفية ونفسية. وقال الدكتور فرانكي فيلبس، عالم التغذية في مؤسسة التغذية البريطانية، (بريتش نيوتريشن فاونديشن)، إن السنوات المبكرة للمراهقة هي أهم سنوات العمر لتناول غذاء كاف ومتوازن من أجل بناء صحة جسدية ونفسية جيدة. وبامتناع المراهقات من تناول الحليب ومنتجات الألبان خاصة فإنهن يحرمن أنفسهن من مصادر مهمة للكالسيوم مما يعرضهن الى مرض ترقّق العظام في سنوات لاحقة من أعمارهن، الى جانب أمراض أخرى.