مُوازاة مع الإصلاحات الجديدة المُرتقب الإعلان عنها، خلال اجتماع الثلاثية المُصغّر، على التعاضديات الاجتماعية فإن صراعا غير مُعلن قد بدأ في الظهور بخصوص فرض الوصاية على هذه الهيئات، ويتعلّق الأمر بالأساس بكل من وزارة الداخلية والجماعات المحلية إلى جانب وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي وكذا وزارة التضامن الوطني. يتزامن ذلك مع توقّع أن تحصل التعاضديات على صلاحيات وامتيازات إضافية في المرحلة المُقبلة. أرجعت مصادر موثوقة تحدّثت إلى «الأيام» تزايد اهتمام الوزارات الثلاثة بالتعاضديات الاجتماعية إلى العديد من العوامل حصرتها بشكل أساسي في العمل الجاري حاليا على إحداث إصلاحات جوهرية على نظام عمل هذه الاتحادات النقابية، التي تعتمد كليا على اشتراكات العمّال من مختلف القطاعات خاصة تلك التابعة للوظيف العمومي، حيث ستُمكّن التعديلات المرتقبة من رفع مستوى التحصيل وبالتالي زيادة رأسمالها. ومن هذا المنطلق أشارت مصادرنا إلى أن لقاء الثلاثية المصغّر الذي سينعقد قبل نهاية العام الجاري، بناء على تصريحات وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، سيشهد الإعلان عن مضمون هذا المشروع المتضمن إعادة النظر في مهام التعاضديات الاجتماعية بصفة كلية سواء تعلق الأمر بمهامها أو طريقة عملها وسيرها، وأكثر من ذلك ليس مُستبعدا أن تتمّ مُراجعة نسبة الاشتراكات من خلال رفعها إلى أكثر من 1.5 بالمائة المُقررة حاليا من قبل القانون، مع العلم أن غالبية التعاضديات تُرافع من أجل تجسيد هذا المطلب دون أن تجد استجابة من مصالح وزارة الداخلية باعتبارها الجهة المخوّلة بمنحها الاعتماد. وبالإضافة إلى ذلك فإن قانون العمل بتعديلاته الجديدة سيعتمد بدوره إصلاحات إضافية على نظام التقاعد، وبموجب ذلك توقعت ذات الجهات أن تتعزّز مكانة التعاضديات بشكل أكبر على أن يُصبح بإمكان العامل الاستفادة من التقاعد العادي إلى نسبة أخرى يستفيد منها من اشتراكاته في التعاضديات الاجتماعية تعويضا عن الاشتراكات التي قدّمها خلال سنوات عمله، مما يعني أنه يُمكن لهذا العامل الوصول إلى تقاعد بنسبة 100 بالمائة ويتعلق الأمر بالعمال الذين انخرطوا في التعاضديات منذ بداية العمل اعتمادا على ما يُسمى ب «التقاعد التكميلي» الذي ستتراوح نسبته بين 1 و20 بالمائة. واستنادا إلى الأرقام الرسمية فإن حوالي 30 تعاضدية اجتماعية تنشط حاليا على المستوى الوطني، وتُفيد أيضا أن العدد الإجمالي للمُنخرطين في هذه التعاضديات يفوق 1.5 مليون منخرط منهم حوالي 600 ألف مُنخرط تابع لقطاع الوظيف العمومي الذي يُحصي لوحده 9 تعاضديات، ولفتت مصادرنا إلى أن هذا العدد قليل قياسا بمجموع العمال النشطين في مُختلف القطاعات. لكن أكثر ما يُثير الانتباه في التعديلات المُتوقّع أن يتضمنها المشروع الجديد الخاص بالتعاضديات الاجتماعية تلك المُتعلقّة بتحديد الجهة الوصية عليها، وبحسب المعلومات المتوفّرة لدى «الأيام» فإن المشروع سيضمّها إلى وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي مع إيجاد صيغة لإدماج الاتحاد العام للعمال الجزائريين في عملية التسيير باعتباره الوصي التاريخي عليها، وفي مُقابل ذلك فإن وزارة الداخلية تطمح هي الأخرى إلى الحصول على حصتها خاصة وأنها الجهة المباشرة التي تمنح الاعتماد لهذه التعاضديات. ومن منطلق تعاظم أهمية ودور التعاضديات وكذا صلاحياتها فإن وزارة التضامن الوطني أقحمت نفسها في الصراع غير المُعلن على فرض الوصاية عليها، وأصبحت تُنافس وزارتي الداخلية والعمل بدليل أنها عقدت مؤخرا ملتقى وطنيا جمعت فيه أكثر من 20 تعاضدية على الرغم من أنه لا وصاية لها على هذه الهيئات، والواضح أن عين وزارة «السعيد بركات» على الملايير التي ستُدرّها ما يمنح فرصة استثمارها في الكثير من المشاريع، وهو ما ينطبق كذلك على وزارتي الداخلية والجماعات المحلية والعمل والضمان الاجتماعي.