انتقد عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية أمس اتساع مساحة التدخلات في الشأن الداخلي للدول خلال العشريتين الأخيرتين تحت غطاء القانون الدولي، وقال إنه لا يختلف مع الطرح الداعي إلى تجذير الممارسة الديمقراطية لكن في المقابل الجزائر لا تتفق مع وجهات نظر بعض الهيئات الدولية حول عدة قضايا بداية من حماية البيئة إلى مكافحة الإرهاب. أثار الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مداخلته أمام المشاركين في الملتقى الدولي حول البرلمانات الوطنية والبرلمانات القارية والجهوية الذي نظمته أمس لجنة الشؤون الخارجية للمجلس الشعبي الوطني، جملة من الإشكاليات المتعلقة بالتنظيمات البرلمانية القارية والجهوية، وعلاقتها فيما بينها من جهة وعلاقتها بالبرلمانات الوطنية من جهة أخرى، مبرزا الأهمية التي تكتسيها الانتخابات التشريعية على الصعيد الدولي وإن كانت هذه الأهمية تتفاوت حسب تراكم التجربة الديمقراطية في البلد أو عدم وجودها وحسب الظروف التي يمر بها البلد، كما يعكس هذا الاهتمام من وجهة نظر المتدخل حجم المسؤولية الملقاة على عاتق من يمثلون الشعوب في الهيئات التشريعية. ومن بين التساؤلات التي توقف عندها بلخادم في كلمته، ما يتعلق بالتمثيل في البرلمانات الجهوية والقارية، وإن كان أعضاء هذه البرلمانات يمثلون الدول أو الشعوب أو الأحزاب التي ينتمون إليها، كما أشار إلى التقاطع في الصلاحيات بين هذه الهيئات البرلمانية، مستشهدا بمثال البرلمان الإفريقي واتحاد البرلمانات الإفريقية وأن كلاهما يمثل الشعوب الإفريقية بينما الأول يوجد تحت رعاية الاتحاد الإفريقي بينما الثاني يجمع ممثلين عن برلمانات الدول الإفريقية، ونفس الوضع ينطبق على البرلمان الانتقالي العربي واتحاد البرلمانات العربية، مشددا على ضرورة مناقشة إشكالية تداخل الصلاحيات بين النموذجين قبل الانتقال من هيئات برلمانية استشارية إلى برلمانات جهوية وقارية تسن التشريعات. وفي سياق متصل أشار وزير الدولة ممثل رئيس الجمهورية إلى مهمة الرقابة التي تعد من المهام الرئيسة للبرلمانات الوطنية، متسائلا عن محلها في البرلمانات الجهوية والقارية، وهو ما اعتبره المتحدث نتيجة لاختلاف المقاربات حول مفهوم السيادة بين الأمة والفضاءات الأوسع، مبرزا ما وصفه تآكل مفهوم السيادة وتراجعه في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد حرب الخليج الثانية لصالح التشريع الدولي الذي أصبح يطغى على السيادة الوطنية للدول، وقال إن هذا الموضوع يندرج في إطار النقاش الدائر حول إصلاح الأممالمتحدة وضرورة تحدي مفهوم سيادة الدولة كأمة وسيدة القانون الدولي مهما كانت مصادره سواء الهيئات التابعة للأمم المتحدة أو البرلمانات القارية. وشدد بلخادم مخاطبا المشاركين الذين يمثلون عدة هيئات برلمانية دولية عربية وافريقية وأوروبية على ضرورة فتح النقاش حول تراجع السيادة الوطنية وظهور أشكال متنوعة من التدخلات الملزمة للدول تحت غطاء التشريع الدولي، موضحا أن الجزائر ليست ضد تجذير الممارسة الديمقراطية لكنها في الوقت نفسه لا تتفق مع وجهات النظر الأخرى حول عديد من القضايا بداية من حماية البيئة إلى مكافحة الإرهاب، والتي سنت بشأنها تشريعات من قبل هيئات دولية تحت غطاء القانون الدولي دون أن يوافق ممثلو الشعوب على هذه التشريعات بالنظر لموازين القوة داخل هذه الهيئات. على صعيد آخر أجمع المشاركون في أشغال الملتقى الدولي حول البرلمانات الوطنية والبرلمانات الجهوية والقارية، تعزيز الروابط والآفاق المنعقد، على ضرورة توسيع صلاحيات البرلمانات الجهوية والإقليمية في القارة السمراء لتشمل صلاحيات تشريع القوانين، كما هو معمول به على مستوى البرلمان الأوروبي مطالبين بإقامة شراكة برلمانية قوية لمواجهة التحديات المستقبلية لاسيما تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والتطرف في منطقة الساحل الإفريقي.