أجمع المشاركون في اليوم الأول من الملتقى الدولي حول البرلمانات الوطنية والبرلمانات القارية والجهوية الذي انعقد امس بإقامة الميثاق على ضرورة تعزيز الروابط والتعاون فيما بين هذه البرلمانات، مع ضرورة الاطلاع على نماذج الدول التي حققت تقدما كبيرا في مجال التشريع مثل الاتحاد الاوروبي الذي اضحى يمتلك صلاحيات تلزم الدول التي تنتمي اليه لتطبيقها في الميدان. وفي هذا الصدد، أبرز السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني في كلمة قرأها نيابة عنه السيد رقيق بن ثابت رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية بالمجلس الشعبي الوطني الأهمية التي تشكلها المجالس البرلمانية في تدعيم علاقات التعاون في إطار التكامل بين الدبلوماسية والهيئات البرلمانية. كما أكد أن التعاون بين الهيئات البرلمانية والحكومات في الساحة الدولية ضرورة دستورية، من منطلق ان ''كل الاتفاقيات والمعاهدات، ثنائية كانت أو متعددة الأطراف يتم المصادقة عليها من طرف البرلمانات الوطنية''، علما ''أن إجراءات المصادقة ليست عملية بروتوكولية محضة بل هي ضرورية لكل التزام للدولة على المستوى الدولي وأن المنظومة التشريعية الوطنية ستحترم اوتعدل بما يتماشى مع القانون الدولي.من جانبه استعرض السيد عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية الاشكاليات التي تواجه عمل المجالس الوطنية والاتحادات البرلمانية الاقليمية والجهوية من ناحية التمثيل وتقاطع الصلاحيات بين هذه الهيئات، وضرب في هذا الصدد مثالا باتحاد البرلمانات الافريقية الذي يمثل الشعوب وبرلمان الاتحاد الافريقي المتفرع عن الاتحاد، والشأن نفسه للبرلمان العربي الذي يضم برلمانات عربية منتخبة او حتى معينة وفي المقابل هناك البرلمان العربي الانتقالي، مما يطرح اشكالية التمثيل والتكامل بين المجالس الوطنية بالمفهوم الجغرافي وبين المجالس القارية والاتحادات القارية وكذا مسألة الرقابة التي تساءل السيد بلخادم عن مهمتها.كما اثار وزير الدولة وجود مقاربات مختلفة في مفهوم السيادة بين الدولة الامة والفضاءات الاوسع، وأشار في هذا الصدد الى طغيان التشريع الدولي على السيادات الوطنية بشكل كبير لاسيما بعد حرب الخليج الثانية سواء من قبل البرلمانات القارية اوالجهوية، مضيفا ان هذا الموضوع يدخل ربما في النقاش الخاص بإصلاح الاممالمتحدة ومجلس الامن ولا يمكن اختزاله في نقاش واحد. وقال انه خلال العشريتين الماضيتين لوحظ ''تآكل السيادة ''بسبب تدخلات الدول تحت غطاء التشريع الدولي انطلاقا من موضوع حماية البيئة الى مكافحة الارهاب، مضيفا أن هناك تشريعات تسن ليس بموافقة ممثلي الشعب بالضرورة بالنظر إلى ميزان القوة اوما يحدث في المنظمات الاقليمية والجهوية. كما أكد السيد بلخادم اهمية ايجاد انظمة دولية تمكن من توحيد الرؤى والمساهمة في إحداث التكامل بين الدول الجارة ودول القارة الواحدة، مع الاخذ بعين الاعتبار تجارب الآخرين واستعراض النماذج الموجودة على ارض الواقع.أما السيد مراد مدلسي وزير الخارجية فقد ابرز في كلمته التي قرأها نيابة عنه مدير التعاون بالوزارة الجهود التي بذلتها الجزائر في تعزيز اصلاحاتها في الجانب المؤسساتي كما هو الشأن بالنسبة لمنظومتها التشريعية وذلك من أجل مواكبة المتطلبات الدولية الراهنة. كما أكد أهمية توسيع التعاون البرلماني إلى فضاءات اخرى على ضوء التزام الفاعلين الدوليين بذلك لمواجهة التحديات الراهنة، مثل انتشار الاسلحة النووية التي تهدد الانسانية ومحاربة الارهاب الدولي والفقر الذي يمثل هاجسا اجتماعيا وما ينجر عنه من جرائم عبر العديد من دول العالم.وقد تقاطعت مداخلة السيد عيسى خيري رئيس مجلس الشورى المغاربي مع الرؤية التي قدمها السيد عبد العزيز بلخادم بخصوص الاشكاليات التي تعترض الاتحادات البرلمانية الجهوية والقارية كتداخل الصلاحيات والتمثيل لاسيما في البرلمان العربي، في حين فضل الامين العام للمجلس السيد سعيد مقدم التركيز على النموذج المغاربي من خلال المؤسسة التي يمثلها بإبداء أمنيته في أن يتحول المجلس الشوري الى برلمان مغاربي يتم اختيار اعضائه عن طريق الاقتراع المباشر وذلك من باب مراجعة آليات العمل، علما أن هناك 37 اتفاقية مغاربية تم التوقيع عليها معظمها لم يدخل حيز التنفيذ بسبب ثقل عمل البرلمانات الوطنية. أما رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني الصحراوي السيد سلامة السالك فقد دعا إلى ضرورة التعاون بين البرلمانات لما لهذا التعاون من اهمية في تعزيز اواصر الصداقة بين الشعوب والدفاع عن حقوق الانسان وخصوصا دعم الشعوب المستعمرة في كفاحها من أجل تقرير مصيرها وتحررها من الاحتلال كباقي دول المعمورة.كما ركز بقية المتدخلين على ضرورة استحداث رؤية جديدة لتفعيل العمل البرلماني بفتح النقاش والاستعانة بالتجارب الناجحة في مجال التشريع والتي استطاع أن يكون لها دور بارز في التأثير على القرارات التي تتخذ في الساحة الدولية في ظل التحولات التي يشهدها النظام الدولي، لكن أبرز ما لمسناه من خلال هذه المداخلات هو أن الجميع يكاد يتفق على ان الاشكالية لا تكمن في ''البرلمان العربي الذي لا يشرع بل في تنفيذ هذا التشريع''. من جهة اخرى تم مساء امس تنصيب ورشتين تتناول الأولى تعزيز الروابط والتعاون بين البرلمانات الوطنية والجهوية، أما الثانية فتتطرق إلى بحث آلية تعزيز عمل البرلمانات القارية والجهوية مثل البرلمان المتوسطي، العربي والإفريقي.ويتطرق الملتقى الذي يعد الأول من نوعه وطنيا وإفريقيا وعربيا إلى أربعة محاور أساسية، يتعلق الأول بمناقشة طبيعة العلاقة بين البرلمانات الوطنية والبرلمانات الجهوية والقارية وآليات تعزيزها، أما المحور الثاني فيناقش صلاحيات البرلمانات الجهوية والقارية وآليات تطويرها من خلال استعراض تجربة البرلمان الأوروبي كنموذج لتحول البرلمانات القارية إلى مؤسسات تشريعية ويبحث المحور الثالث آليات تحول البرلمانات القارية والجهوية إلى برلمانات تشريعية وشروط ذلك بالنسبة لكل من مجلس الشورى المغاربي، البرلمان الانتقالي العربي والبرلمان الأفريقي، بالإضافة إلى مناقشة مدى نجاعة وجدوى تحول البرلمانات القارية والجهوية إلى هيئات تشريعية واثر ذلك على المنظومات التشريعية الوطنية. أما المحور الأخير فيبحث آفاق التعاون وسبل تعزيز العلاقات والتقارب بين البرلمانات القارية والجهوية وبينها وبين البرلمانات الوطنية في سبيل تطوير المنظومة التشريعية بصفة عامة ولدى الدول النامية بشكل أخص.