قرّرت الحكومة تسديد الأجور المستحقة المتأخرة لما يُقارب 7 آلاف عامل في العديد من القطاعات خلال شهر مارس المقبل على أقصى تقدير، بحسب ما أعلن عنه عضو قيادي في الاتحاد العام للعمال الجزائريين، الذي أكد أيضا بأن هذا العدد يتوزع على 68 مؤسسة اقتصادية وطنية، حيث تصل مدة التأخير الإجمالية إلى 26 شهرا. أعلن الأمين الوطني المكلف بالنزاعات الاجتماعية بالاتحاد العام للعمال الجزائريين، «عاشور تلي»، أن الحكومة حسمت في قرار تسديد الأجور المتأخرة لعدد معتبر من العمال قدّرهم بالتحديد ب 6 آلاف و875 عامل يتوزعون على 68 مؤسسة اقتصادية وطنية في عشرة قطاعات أساسية، مؤكدا أن بعض مؤسسات التسيير شرعت فعليا في تسديد رواتب عمالها المتأخرة في عدة ولايات. ولم يتوان القيادي في المركزية النقابية الذي كان يتحدّث أمس على أمواج القناة الأولى للإذاعة الوطنية، في وصف هذه الخطوة التي أقدمت عليها مصالح الحكومة ب «الإيجابية» خصوصا مع تزامنها والقرارات الأخيرة التي تمّ اتخاذها على أعلى مستوى لتهدئة الجبهة الاجتماعية، وعلى حدّ قول المتحدث فإن التجسيد الميداني لهذا القرار سيكون بداية من شهر مارس الداخل، موضحا في سياق حديثه أن مدة التأخر تصل إلى حوالي 26 شهرا لدى بعض المؤسسات. وإضافة إلى ذلك تُفيد التوضيحات التي جاءت على لسان «عاشور تلي» بأن قرار تسوية الأجور تشمل بالأساس قطاعات مثل البناء والأشغال العمومية وكذا التجارة والنسيج، مع الإشارة إلى أن هذا المشكل قد طُرح كذلك قبل بضعة أشهر على مستوى المؤسسة العمومية لإنجاز الهياكل الأساسية للسكك الحديدية «أنفرافير» وحتى لدى الأساتذة المتعاقدين في قطاع التربية الوطنية ناهيك عن المُعلمين المكلفين بمحو الأمية والتابعين إلى الديوان الوطني لمحو الأمية. وبالموازاة مع هذه المستجدات فإن الأشهر الأخيرة عرفت الكثير من الحركات الاحتجاجية وسط العمال المعنيين بمشكل تأخر الأجور وذلك من خلال لجوئهم المتكرّر إلى مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين مُطالبين الأمين العام «عبد المجيد سيدي السعيد» بضرورة التوسط لدى الحكومة، مستغلين علاقته القوية مع الوزير الأول «أحمد أويحيى»، من أجل تسوية الملف بحيث انتظر هؤلاء التوصل إلى حل خلال عيد الفطر الماضي ثم خلال عيد الأضحى لكن دون جدوى. إلى ذلك لجأت الحكومة خلال عدة مناسبات إلى تسوية هذا الملف، لكن بشكل جزئي فقط، بحيث تمّ عدة مرات تخصيص أغلفة مالية معتبرة مع توجيه تعليمات لشركات تسيير مساهمات الدولة قصد اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة مع البنوك، لكن المشكل بقي مطروحا في كل مرة كون التسديد كثيرا ما شمل شهرين أو ثلاثة أشهر فقط، في حين أن هناك من العمال الذين لم يتلقوا أجورهم أكثر من 36 شهرا وكون بعض المؤسسات الاقتصادية لم تُحقق تقدما في نموها بقيت عاجزة على دفع الأجور المستحقة. ويأتي قرار الحكومة الذي انتظره هؤلاء العمال منذ عدة أشهر عشية الاحتفال بالذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات التي تُصادف 24 فيفري من كل سنة، كما يتزامن والإجراءات التحفيزية الهامة التي انتهى إليها مجلس الوزراء في اجتماعه أمس الأول والتي تضمنت منح تسهيلات معتبرة شملت أساسا قطاع السكن والتشغيل والفلاحة والتعليم العالي، إضافة إلى وضع آليات كفيلة بمحاربة العراقيل الإدارية التي تعيق حصول الشباب على دعم من طرف الدولة في إطار أجهزة التشغيل المعروفة. ويجدر التذكير على هذا المستوى بأن مشكل الأجور المتأخرة بقي يتجدد كل مرة منذ نهاية التسعينيات باعتبار أن المؤسسات المعنية غير قادرة على دفع أجور عمالها وبقيت عالقة دون تأهيلها أو خوصصتها وهو ما يحدث مثلا للعديد من مؤسسات النسيج والجلود التي لم يُفصل فيها بالرغم من المعلومات التي تداولت مرات عديدة عن ارتقاب إقدام الحكومة على إعادة تأهيلها وأن العمل جاري إعداد برنامج عملي يتم من خلاله إعادة بعث عدد معتبر منها في إطار الإستراتيجية الاقتصادية الجديدة.