أحيت الانتفاضة الشعبية الليبية الأمل لدى الطائفة الشيعية في لبنان بكشف مصير الإمام الشيعي موسى الصدر الذي اختفى العام 1978 خلال رحلة له إلى طرابلس، ويتهم القضاء اللبناني نظام العقيد معمر القذافي بخطفه. ومنذ بدء حركة الاحتجاجات والتظاهرات ضد الزعيم الليبي في 17 فيفري، تعيش الأوساط الشعبية الشيعية حالة من الترقب واللهفة ترافقها حملة إعلامية مكثفة لا سيما من خلال قناتي (المنار) التابعة لحزب الله و(ان بي ان) التابعة لحركة أمل. ويقول حسين معنى (51 عاما) من بلدة معركة المجاورة لصور التي تتحدر منها عائلة موسى الصدر، "كنا ننتظر هذه اللحظة، أن يسقط الطاغية معمر القذافي أو أن يقتل لينكشف مصير إمامنا المغيب". وفي طهران، أعلنت حوراء الصدر، ابنة موسى الصدر، في مؤتمر صحافي الأربعاء، أن "الأيام التي نعيشها تنعش آمالا كبيرة بعودة الإمام الصدر ورفيقيه". وناشد زوجها مهدي فيروزان الذي يرأس "مؤسسة الإمام موسى الصدر للثقافة والبحوث"، كل المعنيين "العمل بشكل جدي وفاعل على الأرض بما يؤدي إلى تحرير الإمام من سجنه ومعرفة مصيره ورفيقيه". ويقول المسؤول في حركة أمل خليل حمدان الذي عمل إلى جانب الإمام الصدر قبل اختفائه لوكالة فرانس برس إن "التعاطي مع الموقف يتم من منطلق معلومات معينة تقول بأن الإمام الصدر لا زال حيا ومسجونا في ليبيا". وشوهد الصدر، الشخصية الشيعية البارزة، للمرة الأخيرة في 31 أوت 1978 في ليبيا التي كان يزورها بدعوة من القذافي يرافقه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين. وتقول السلطات الليبية أن الثلاثة غادروا طرابلس متوجهين إلى ايطاليا. إلا أن النيابة العامة الايطالية أعلنت بعد انتهاء تحقيقها في 1981 أن الصدر ورفيقيه لم يدخلوا ايطاليا وان أشخاصا انتحلوا أسماءهم وهوياتهم. وفي 2004، عثر على جوازي سفر الصدر ويعقوب في أحد فنادق روما. وفي أوت 2008، أصدر القضاء اللبناني مذكرات توقيف في حق القذافي وعدد من معاونيه بتهمة "خطف" الصدر ورفيقيه. وجاء في القرار الاتهامي في حينه أن الصدر كان معارضا للحرب الأهلية في لبنان (1975-1990)، بينما كان القذافي يعمل على تأجيج العنف فيه، ما ولد توترا بينهما. ويشير حمدان، عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل، إلى أن الحركة "شكلت منذ اللحظة الأولى لبدء الانتفاضة في وجه القذافي، خلية أزمة لمتابعة الأحداث". ويبدو هذا الاستنفار جليا عبر شاشة «أن بي ان» التي تبث أخبار ليبيا على مدى ساعات الليل والنهار تحت عنوان "ليبيا... ثورة ضد حكم الطاغية". كما تبث المحطة من دون انقطاع صورا وأشرطة فيديو عن ضحايا عمليات القمع في ليبيا، وتطلق على القذافي نعوتا مثل "المجنون" و"البذيء" و"الدكتاتور"... وبين الفينة والفينة، تظهر على شاشتها صورة العقيد القذافي التي تتلون فجأة باللون الأحمر وتغرق في نهر من الدماء مع قطرات دم تتساقط منه، وكلمة: "الطاغية". وتملأ صور الإمام الصدر منذ 33 سنة الشاشة مع مقتطفات من كلامه.