توقعت مصادر عسكرية ليبية ومحللون أمس الأحد أن تتصاعد حدة مواجهات عنيفة للإطاحة بالنظام الليبي خلال الأيام القليلة المقبلة، وسط مخاوف من وقوع خسائر بشرية كبيرة في صفوف الثوار الليبيين بسبب قلة خبرتهم العسكرية وضعف مستوى تسليحهم وعتادهم. ونقلت صحيفة خليجية أمس الأحد عن محللين ليبيين قولهم إنه اتضح أن الخطة العسكرية التي وضعها القذافي تتطلب من قواته مواصلة الضغط على خصومه لمنع تواجدهم في المدن التي تحتوي على موانئ أو مصفاة للنفط، مثل الزاوية والبريقة ورأس لانوف، بينما يهتم القذافي بتأمين دفاعاته في معقله بثكنة باب العزيزية في العاصمة طرابلس الغرب، التي تعتبر العاصمة الإدارية لليبيا، ومدينة سرت التي تمثل العاصمة السياسية للبلاد، على اعتبار أن سقوطها في يد الثوار يعني نهاية النظام فعليا وسقوطه. وقالت مصادر في مدينة سرت الساحلية للصحيفة إن القذافي يتشكك في مدى ولاء القبائل السبع الموجودة داخل المدينة، ومن بينهم قبيلة القذاذفة التي ينتمي إليها، وتعتبر أقل هذه القبائل عددا، مشيرة إلى أن هناك حالة من التذمر تسود القبائل بسبب الهجمات الدموية التي يشنها القذافي ضد خصومه. وكشفت المصادر النقاب عن أن القذافي أرسل عددا من كبار مساعديه العسكريين إلى المدينة السبت لدراسة الخطة المعدة لتأمينها مجددا، موضحة أن المعركة للاستيلاء على سرت ستكون سهلة جدا إذا ما أعلنت القبائل الموجودة هناك انحيازها للثوار المناهضين لنظام حكم القذافي. واعتبرت المصادر أنه إذا سقطت «سرت» في يد المناوئين للقذافي فهذا معناه "سقوط نظامه الذي يقود الحكم في ليبيا منذ عام 1969"، لافتة إلى أنه، بعد خروج المنطقة الشرقية من تحت سيطرة قوات القذافي، وانفتاح الجنوب لصالح المعارضة لن يبقى أمام القذافي إذا ما سقطت مدينة سرت ذات الأهمية الاستراتيجية سوى سيطرته المهتزة على مساحة 30 كيلومترا فقط تضم العاصمة طرابلس. الزحف نحو «سرت» والقذافي يستعجل بيع النفط وذكرت الصحيفة أنها تلقت معلومات "شبه مؤكدة" عن احتجاج قبيلة الفرجان في «سرت» على مقتل عشرين من الضباط الذين ينتمون لها، بينما قال سكان بالمدينة إنهم سمعوا السبت أصوات أعيرة نارية في وسط المدينة. وتحدث ناشط ليبي عن وصول الثوار إلى منطقة «هراوة»، البوابة الشرقية لمدينة سرت، بينما خرج آلاف المتظاهرين في مدينة «بني وليد»، وقاموا بالسيطرة على معسكر الكتيبة الأمنية ال51، قبل أن يتوجه الآلاف منهم، وهم حاملو السلاح، باتجاه سرت. وبدأ الثوار الزحف نحو سرت، بعدما وصلوا إلى منطقة هراوة، الموطن الرئيسي لقبيلة أولاد سليمان، على بعد 75 كيلومترا شرق المدينة، في حين انضم إليهم أهالي المناطق الواقعة بين رأس لانوف وهراوة. وبينما انخفض إنتاج النفط الليبي إلى النصف تقريبا، فإن نظام القذافي بدأ يبيع النفط بشكل عاجل وليس آجلا، ومن دون الالتزام بالسعر الذي تحدده منظمة «أوبك» واحتياجات السوق العالمية. وأقر مسؤول ليبي رسمي بأن هناك ضغطا غير طبيعي تمارسه قوات القذافي في مدن الزاوية ورأس لانوف والبريقة لتأمين موانئ البترول، مشيرا إلى أن القوات العسكرية الحكومية تسعى بكل السبل لمنع الاستيلاء على ميناء الزاوية، الذي يضم أكبر مصفاة لإنتاج وتكرير النفط في ليبيا. وأضاف أن "قوات الجيش الليبي تسيطر على الميناء والمصفاة في الزاوية، لكننا نواصل التحرك من أجل الضغط على الزاوية حتى لا يتحرك الأعداء من هناك، ولضمان أن المدينة لم تعد تمثل أي خطر على النظام ولا تنطلق منها هجمات مناوئة". وتابع: "من الطبيعي أن نحاول بكل الطرق العسكرية تدمير قوة الثوار الأساسية في الزاوية.. هذا التحرك العسكري يندرج في إطار مخطط أوسع، يضمن، حسب خطة العقيد القذافي، استمرار هيمنته على الأربعة موانئ الرئيسية للنفط". سيارات مصفحة في مطار دولة خليجية يتم شحنها باتجاه ليبيا وقال مسؤول نفطي ليبي للصحيفة أن "إنتاجنا من النفط انخفض إلى نحو 60 إلى 70 في المئة من الإنتاج الأصلي، الآن ليس هناك ما يعرف بالبيع الآجل غالي الثمن للنفط الذي يحدد بالسعر العالمي، نقوم الآن ببيع الكميات المنتجة لمن يدفع نقدا، وهذا يعني بالضرورة انخفاض الثمن إلى النصف تقريبا". وأضاف أن هناك حاجة ماسة إلى النقد الأجنبي؛ يحتاج النظام إلى ميزانية مفتوحة وكميات هائلة من العملات الأجنبية، لتمويل المواجهات العسكرية، ولدفع رواتب العاملين في جهازه الإداري، ولضمان استمرار ولاء القوات الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. وقالت مصادر ليبية إن "عبد السلام المزداوي"، أحد مساعدي القذافي، يقوم حاليا بشحن سيارات مصفحة لحساب القذافي، في مطار تابع لإحدى الدول الخليجية، تمهيدا لنقلها إلى ليبيا. وأظهرت تحقيقات مع مرتزقة أفارقة اعتقلهم الثوار المناوئون للقذافي أن السلطات الليبية، التي تعاني على ما يبدو من نقص في السيولة، قد لجأت إلى دفع جانب من مستحقاتهم المالية بعملات ليبية ملغاة، وهو ما يعني أن الأزمة المالية توشك أن تكون طاحنة. وقال مسؤول في مدينة بنغازي للصحيفة: "نعم، نريد الزحف باتجاه الغرب، لكن جيشنا الحديث التكوين كله من شباب متحمس لم يحصل سوى على تدريب لمدة محدودة". وذكر مراسل محلي في مدينة الزاوية إن مدفعية الكتائب الأمنية الموالية للقذافي تراجعت باتجاه طرابلس، بعد أن تصدى ثوار مدينة الزاوية لها، مشيرا إلى أن القوات المنسحبة قامت بقصف منازل المدنيين في منطقة "الشكاندلية" في طريق تراجعها. الزواية تدفع الضريبة من دماء أبنائها وحاولت قوات القذافي السيطرة على بلدة الزاوية من أيدي المعارضة، مما أدى إلى سقوط 30 قتيلا وجرح نحو 120 شخصا، بينما تمكن معارضون مسلحون من السيطرة على ميناء رأس لانوف النفطي لتتسع الرقعة التي يحكمون قبضتهم عليها منذ بدء الانتفاضة قبل أسبوعين. وقبل انسحابها المفاجئ، حاولت الكتائب الأمنية، مدعومة بنحو أربعين دبابة، دخول المدينة من المدخل الشرقي، وقصفت بشكل عنيف منازل المدنيين من سكان المدينة. وسيطر الثوار على بلدة "بن جواد" الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا غرب رأس لانوف، وعلى بعد نحو 525 كيلومترا شرق طرابلس. كما استولى المعارضون على مطار بلدة رأس لانوف النفطية الواقعة على البحر المتوسط، والبلدة ذاتها التي تقع على الطريق الساحلي الاستراتيجي على بعد نحو 660 كيلومترا شرق طرابلس. لكن «خالد كعيم»، نائب وزير الخارجية الليبي، شكك في صحة هذه المعلومات، وقال في المقابل إن القوات الحكومية ما زالت تسيطر على البلدة. ماذا بقي لملك ملوك أفريقا؟ وسيطر المعارضون على معظم المنطقة الشرقية، وتتركز فيها حقول النفط الليبية، وحيث المعارضة الليبية أقوى عادة، وتركزت الانتفاضة في بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية. وفي تطور مفاجئ، تم سحب أغلب الكتائب الأمنية من جميع المناطق الغربية لإعادة انتشارها حول العاصمة طرابلس لمحاصرتها، بينما لم يبق في المناطق الأخرى إلا كتائب الحرس الثوري وأعضاء اللجان الثورية والمرتزقة. وفي وقت سابق، أرسل القذافي تعزيزات إلى بلدة الزاوية بغرب ليبيا، بعد أن صدت المعارضة المسلحة الليبية هجوما شنه جنوده السبت. وقال" يوسف شاقان"، المتحدث باسم المعارضة المسلحة في الزاوية، إن المعارضة استولت على ثلاث ناقلات جنود مدرعة، ودبابتين، وشاحنة صغيرة، بعد قتال دام لمدة ساعة ونصف الساعة، وأضاف: "دخلوا الزاوية الساعة السادسة صباحا بقوات كثيرة ومئات من الجنود بدبابات. صد أنصارنا الهجوم.. انتصرنا الآن ويتجمع المدنيون في الميدان".